الثورة المصرية و التجربة الروسية


الثورة المصرية و التجربة الروسية
التجربة الروسية
يعتبر الخبراء و المحللون أن فترة حكم بوريس يلتسين هى الأسوء فى تاريخ روسيا القديم و الحديث لم تشهد روسيا سوءا مثلها حتى فى فترة الأحتلال النازى أو ما قبل الثورة البلشفية و ذلك لما شهدته من أنتشارا للفساد و أنهيار أقتصادى أدى إلى الكثير من المشاكل السياسية و الأجتماعية.
ففى أوائل عام 1992 تبنى يلتسين سياسة الخصخصة وأعطت عمليات الخصخصة أصولا قيمة بأسعار زهيدة لدائرة ضيقة من رجال الاعمال، الذين كانت لهم صلات بالرئيس الروسي وقتئذ بوريس يلتسين وبطانته، وقد اصبحوا مليارديرات بشكل شبه فوري، في حين رأي الروس العاديون مدخراتهم تتبخر ودخولهم تهوى مع بدء اصلاحات السوق.
و أدت سياسة الخصخصة هذه إلى سيطرة رجال الأعمال و خصوصا اليهود على الأعلام الروسى و غالبية البنوك والشركات النفطية وقسم كبير من مصانع الألمونيوم والحديد و أدت سيطرة رجال الأعمال و اليهود على الأقتصاد إلى نفوذ سياسى مما أدى إلى أنحسار دور الدولة و أنتشار الفساد و تردى الوضع الأقتصادى و ظهور الجريمة المنظمة أو ما يعرف بالمافيا الروسية و تغلغلها فى معظم مناحى الحياة فى روسيا فأصبح الأقتصاد الروسى و الحياة السياسية فى روسيا تحت رحمة رجال الأعمال اليهود و رؤوساء عصابات المافيا الروسية.
و قدر البرلمان الروسي عام 1999 خسائر برامج الخصخصة في عهد يلتسين بنحو ثلاثة تريليونات من الدولارات (أي ما يعادل الميزانية العمومية للولايات المتحدة الأميركية لمدة عامين،وما يعادل أكثر من مجموع ميزانيات دول القارة الأوروبية كلها مجتمعة).
بوتين و الأصلاح
و هنا جاء بوتين لينقذ روسيا من هذا السرطان الذى أنتشر فيها و زرع المرض فى كل مؤسساتها و أدى بها إلى إنهيار أقتصادى و أجتماعى بالأضافة إلى  انهيار سياسي كبير على المستويين الداخلي والخارج فكيف أستعاد الأقتصاد الروسى قوته فى عهد بوتين و كيف أستطاعت روسيا أستعادة مكانتها الدولية فى العالم...!!؟؟؟؟
بدأ بوتين بأصلاح أجهزة الأمن الروسية أولا ليخرجها من سيطرة رجال الأعمال و اليهود و عصابات المافيا الروسية و التى كانت قد سيطرت على روسيا جميعها بما فيها أجهزة الأمن فاستطاع بهدوء و حكمة اعادة تنظيم هذا الجهاز واعادة احترام وثقة الناس به, و عبر أجهزة الأمن هذه بدأ بوتين حملته على الذين أغتنوا بشكل فاحش نتيجة تلاعبهم بالقوانين و سيطرتهم الأقتصادية و السياسية على روسيا فبدأ بالتدقيق و التمحيص فى كل ما يخص شركاتهم من ملفات منذ شراءهم هذه الشركات بأبخس الأثمان مرورا بملفاتهم الضريبية أو بالتضييق علي اصحاب هذه الشركات و أستغل الأزمة المالية العالمية و ترك الشركات الخاصة التي لا تعمل للمصلحة الوطنية بدون مساعدة لتخسر وتفلس، وقدم المساعدات المالية الهائلة فقط للشركات التي أثبتت أن عملها هو لمصلحة الدولة الوطنية أولا، ولكن بشروط قاسية أهمها تعيين موظفين حكوميين في هيئة أعضاء إدارات الشركات ولهم حق التدخل بسياسات الشركات وقراراتها.
و أدت صرامة بوتين و سياسة التضييق التى أتبعها إلى سقوط رجال الأعمال الذين تسببوا فى افساد الحياة السياسية و الأقتصادية و الأجتماعية فى روسيا واحدا بعد الآخر ما بين لاجىء سياسى و مسجون لتفلت روسيا من قبضة الفساد و تعود لها قوتها الأقتصادية و العسكرية و الخارجية مرة أخرى.
هذا ما فعله بوتين لأصلاح روسيا بدون ثورة من الشعب الروسى و بدون أدلة قاطعة تثبت تورط رجال الأعمال هؤلاء فى الفساد لأن كل شىء كان يتم بغطاء سياسى و حكومى إنما حركته رغبة صادقة لأستعادة مجد بلاده و تطهيرها ممن علم الجميع أنهم كان السبب الرئيسى فى أنهيار روسيا و أنحسار قوتها فبدأ يبحث فى دفاترهم القديمة ليسقطهم واحدا بعد الآخر.
مصر و التجربة الروسية
حال مصر الآن لا يختلف كثيرا عن حال روسيا ما قبل بوتين فالفساد قبل الثورة المصرية أنتشر فى كافة مناحى الحياة فساد فى السلطة التنفيذية أدى إلى فساد سياسى و أقتصادى و أمنى و أجتماعى و ما تحتاجه مصر الآن هو قائد يستطيع السير على نفس النهج الذى سار عليه بوتين لأعادة الثقة بين أجهزة الأمن و المواطنين و هذا لن يتم بالخطب الرنانة و المناشدات و مطالب المصالحة فلا مصالحة بدون أرجاع الحقوق المسلوبة و القصاص فيجب اليوم و قبل الغد عمل حملات تطهير كاملة لأجهزة الأمن و الأدلة متوفرة للمدانين حتى يتميز الخبيث من الطيب و تعود الثقة بين المواطنين و الشرطة فما أحوج مصر اليوم إلى أمن الشرفاء الذى يؤمن محاسبة الذين تسببوا فى الفساد السياسى و الأقتصادى و الأجتماعى
أما عن رجال الأعمال و رجال السياسة ممن تسببوا فى أفساد الحياة السياسية و الأقتصادية و الأجتماعية فى البلاد فهؤلاء من غير المستساغ فى وقت تصبو البلاد للأصلاح أن تكون حجج عدم القبض على فلان أو علان أنه لم تقدم بلاغات ضده حتى الآن فمن تسببوا فى الفساد معروفين و لن يقوم الشعب بالقيام بدور جهات التحقيق و الجهات الرقابية من بحث و خلافه يكفى أن تفتحوا ملفات هؤلاء و تعيدوا بحثها نقطة بعد نقطة و ستجدوا الكثير من الفساد التى تورطت أيديهم الأخطبوطية فيه و ستجدون الكثير من الأدلة التى تدينهم لو راجعتم سيرتهم الشخصية و ترابط علاقاتهم و دققتم فى ملفات الخصخصة و بيع القطاع العام فالفساد فى عصر ما قبل الثورة كان عبارة عن شبكة أخطبوطية تتشابك أذرعها فيكفى سقوط أحد هذه الأذرع و التحقيق الصارم معه لتسقط باقى أذرع الأخطبوط حتى نصل لرأسه و ندمرها .
اليوم نحن لسنا مطالبين بأن نكون حسنين النية و صبورين حتى تسقط الثمار الفاسدة وحدها من فوق الأشجار, اليوم نحن مطالبين بالبحث عن هذه الثمار الفاسدة و أسقاطها قبل أن نفاجأ بأنها افسدت جميع ثمار الشجرة
أنفضوا التراب عن أحذيتكم اللامعة فالحقيقة لا تذهب إلى أحد و هى دائما فى أنتظار من يبحث عنها و لن نقبل بمن يشغلنا بمسائل فرعية لا دخل لنا بها
راجعوا أتفاقية الغاز مع أسرائيل و أنظروا من المسئول عن بيع الغاز لهم بهذه الأسعار البخسة و من تقاضى عمولات عن هذا و لمصلحة من تم المتاجرة بمقدرات الشعب المصرى.
أفتحوا ملف أنهيار صناعة الغزل و النسيج بالمحلة الكبرى و ملف صناعة الحديد و الصلب منذ بدايته و ملف صناعة الأسمنت و ملف المدن الجديدة و أراضى الأستصلاح الزراعى و القرى السياحية لتصلوا إلى الجناة و لتنكشف الحقيقة
اليوم لا أحد فوق القانون و لا نطالب أن يحاكم أحد بدون ذنب و لكننا نطالب بالصرامة فى تطبيق القوانين فلا رادع اليوم غير صرامة القانون لا يجب أن يرى المفسدين فى ايدينا غير سيف الحق و يجب أن يعلموا أننا نبحث عنهم فى جحورهم لنقضى على الفساد من جذوره
Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق