كتب- أحمد إبراهيم :
مستغلة حالة الانكسار الإعلامي التي تلازمهم، والقدرة على توريطهم بسهولة في معارك تستنزف من رصيدهم . المدفعية الثقيلة التي يمتلكها رموز اليسار في عدد كبير من الفضائيات والصحف والمواقع الالكترونية وبرامج التوك شو، تجاهلت عن عمد "غزوة الغيطاني"، دون إشارة من قريب أو بعيد، رغم خطورة ما طرحه الروائي المعروف جمال الغيطاني خلال المائدة المستديرة، التي عقدت مؤخرا بالمركز الأعلى للثقافة، لمناقشة كتابه "نزول النقطة" طالب المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمد الفترة الانتقالية ثلاث سنوات، وتولي المشير حسين طنطاوي رئاسة الدولة في تلك الفترة، وهو ما يعني بقاء العسكر في الحكم حتى 2014، وهو طرح من "مثقف" يكشف نوعا من الوصاية على الشعب، ويتطابق مع مزاعم النظام السابق من أن المصريين غير ناضجين لممارسة الديمقراطية واختيار رئيسهم.
الغريب أن رموز التيار العلماني واليساري الذين يطالبون الإسلاميين بتقديم ضمانات لتحقيق الممارسة الديمقراطية، يمارسون نفس أساليب الإقصاء التي كان النظام السابق يمتهنها ضد المعارضين لاسيما إذا كانوا يمثلون مرجعية إسلامية، ويبدون مخاوفهم من اللعبة الديمقراطية التي تحتكم لصندوق شفاف ونزيه !.
عادل حمودة رئيس تحرير جريدة الفجر أعلن "موت الثورة" لمجرد أن لجنة تعديل الدستور ضمت نائبا إخوانيا ضمن ثمانية أعضاء، في شكل يعبر بقوة عن ديمقراطية اليسار والعلمانيين إذا ما وصلوا للحكم، والشاعر المعروف أحمد عبدالمعطي حجازي هاجم بضراوة فكرة أن يكون واحدا من الإخوان عضوا فى لجنة الثمانية، ووصفها بـ "لجنة إخوان"، وتساءل إن كانت دلالة على أن مصر متجهة نحو "الطالبانية"، وزاد يوسف القعيد مشككا في مواقف المجلس الأعلى للقوات المسلحة متسائلا في تعبير آخر عن هواجس" الاخوانوفوبيا" عن عدد اللواءات المتعاطفين مع الإخوان، مما دفع أحد أعضاء المجلس في تصريح سابق للقول"لسنا إخوانجية".
يبدو إذن من واقع قراءة ما سبق أن اليسار بعد ثورة 25 يناير تعرض لإصابات خطيرة تارة بالإسلاموفوبيا، وتارة بالإخوانوفوبيا، والسلافيوفوبيا، وهو ما يبرر حالة القصف العشوائي التي طالت برامج التوك شو، واستخدام مدفعية ثقيلة ضد الإخوان والسلفيين، والمادة الثانية من الدستور، بشكل لا يتناسب مع أجواء ميدان التحرير، في الوقت الذي يتحدثون فيه عن بناء دولة ديمقراطية لكل المصريين.
الذعر اليساري بلغ مدى هستيريا طال أمورا لا تخطر على بال أحد إبان أجواء الثورة، حينما عبر بعض المنتمين لليسار عن امتعاضهم بشكل ساخر من "تمر" الإخوان والمشايخ الذي كان يوزع على المعتصمين بالتحرير، أو التعبير عن قلق كبير من نغمة موبايل تحمل دلالات إسلامية أو أنشودة ثورية، بل إن "كتف" القيادي الإخواني الدكتور محمد البلتاجي الذي كان ملاصقا لرئيس الوزراء عصام شرف حينما نزل للتحرير لنيل ثقة المصريين، أثار انتقادات لاذعة، دون إشارة إلى "كتف" حسين عبدالغني مدير مكتب قناة الجزيرة بالقاهرة سابقا، و"كتف" المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادي القضاة، اللذين كانا حاضرين في المشهد.
الغريب أن العديد من رموز هذا التيار كانوا ضيوفا بشكل دائم على قنوات وصحف النظام المخلوع،، وبعضهم تورط في علاقات مشبوهة مع جهاز أمن الدولة المنحل، وأحدهم يترأس صحيفة أسبوعية تصدر عن وزارة الثقافة مقابل مبلغ شهري كبير، وأغلبهم كان ديكورا في لقاءات الرئيس السابق حسني مبارك مع الكتاب والمفكرين دون أن يعكروا مزاج - سيادته- بنقد واضح لسياساته، باستثناء الراحل القدير الدكتور محمد السيد سعيد والذي دفع ثمن ذلك.
يمكن القول أن حالة التفزيع اليساري المتواصلة من نتائج الانتخابات البرلمانية القادمة باتت أشبه بنوع من الوصاية على المصريين، وهو الأمر الذي يراه البعض ابتزازاً يمارس ضد مؤسسات الدولة من جانب، وضد الشارع المصري على الجانب الآخر بهدف تحجيم تيار بعينه، وحصد مكاسب لتيار لا يمتلك من رصيد على أرض الواقع ولدى رجل الشارع سوى مدفعية "التوك شو" وصوت أكثر ضجيجا من خلال صحف تمول بأموال مالك عبارة الموت، وبيزنس رجال الأعمال.
إذا جاز القول، فإن "غزوة الغيطاني" لن تكون الأخيرة في ظل ما توارد من أنباء عن اجتماع جمع نخبة من ضباط جهاز مباحث "أمن الدولة" المنحل مع بعض المثقفين اليساريين المهيمنين على عدد من الصحف ووسائل الإعلام في دار نشر شهيرة بوسط القاهرة، لبحث مستقبل البلاد في ضوء النتائج المتوقعة للانتخابات البرلمانية القادمة، ودراسة سبل تحجيم الإسلاميين خلال الفترة المقبلة.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية "غزوات اليساريين".. من الغيطاني لحجازي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق