تفاصيل محاكمة العادلى و صراخ والد أحد الشهداء دم أبنى راح هدر

لم تكن محاكمة حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق وكبار معاونيه اليوم الثلاثاء في قضية قتل المتظاهرين محاكمة عادية بل كانت اشبه بفيلم مغامرات شهد أحداثا لا تتكرر, فمنذ الرابعة فجرا بدأت قوات الأمن في التردد علي مبني المحكمة, حيث انتشرت العربات المصفحة التي زاد عددها علي 30علي الجانبين ووقف مايقرب من خمسة آلاف مجند أمن مركزي أمام المحكمة علي امتدادها وتم تقسيمهم الي نصفين أحدهما أعطي وجهه للمبني والآخر كان ينظر باتجاه الطريق من الناحية الأخري وظلت العربات المدرعة تجوب المنطقة بالكامل حتي انتهت جلسة المحاكمة.

لم يعرف أحد علي وجه اليقين موعد قدوم حبيب العادلي وباقي المتهمين فقد كان هناك حرص شديد علي ألا يعرف أحد متي حضر المتهمون لاسباب قيل أنها أمنية وبعد ما يقرب من ثلاث ساعات ظل خلالها الإعلاميون والمحامون وعائلات الضحايا والمصابين في انتظار السماح لهم بالدخول اجتاز الجميع البوابة الأمنية الأولي التي كانت ايضا الأخيرة حيث لم يسمح لأحد أن يعبر البوابة الثانية التي كانت علي باب القاعة التي نظرت فيها الجلسة, مما اضطر قوات الأمن بمساعدة الجيش إلي إدخال الصحفيين والإعلاميين الي قاعة المحكمة عبر قفص الإتهام حيث صعد الإعلاميون إلي الطابق الثاني ودخلوا قفص الإتهام ونزلوا عبر الطريق الذي يسلكه المتهمون الي الطابق الأرضي قبل الانتظار لدقائق قليلة داخل القفص الذي مثل فيه بعد دقائق حبيب العادلي وحسن عبد الرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة واسماعيل الشاعر مدير امن القاهرة وعدلي فايد مدير مصلحة الأمن العام وأحمد رمزي مساعد الوزير لشئون الأمن المركزي واسامه المراسي مدير امن الجيزة السابق وعمرو الفرماوي مدير امن اكتوبر السابق .

وبينما كان العشرات من أهالي الضحايا الذين لم يتمكنوا من دخول المحكمة يصرخون مطالبين بإعدام العادلي قائلين"أول مطلب للشهيد إعدام العادلي شيئ أكيد" و"يا مشير أمانة عليك إعدام العادلي بيناديك"، بدأت جلسة المحاكمة في تمام الحادية عشرة وخمس دقائق وجلس المتهمون جميعا علي مقاعد داخل القفص ووقف أمامهم 15 فردا من قوات الأمن حجبوا الرؤية عن الحضور تماما وقال مصدر امني لـ"الدستور الاصلي" أن السماح بجلوس المتهمين علي كراسي جاء بناء علي موافقة المستشار عادل عبد السلام جمعة رئيس المحكمة الذي قال عند عرض الأمر عليه "زي مايحبوا"!

ونادت المحكمة برئاسة المستشار عادل عبد السلام جمعة علي المتهمين تباعا فردوا جميعا قائلين "أفندم" ثم بدأت النيابة في تلاوة قرار الإتهام مشيرة الي أنه بدءا من يوم 25يناير وحتي 31من ذات الشهر قام المتهمون بارتكاب جرائمهم في محافظات القاهرة والجيزة والسويس والسادس من اكتوبر والسويس وعددا من المحافظات الأخري فاشتركوا في قتلهم بالتحريض والمساعدة وبيتوا النية وعقدوا العزم علي قتل المتظاهرين الذين خرجوا في تظاهرات سلمية للتعبير عن رغبتهم في التغيير وتغيير النظام.

وأضافت النيابة أن لقاء جمع المتهمين العادلي ورمزي وفايد وحسن عبد الرحمن قبل الاحداث اتفقوا فيه علي التعدي علي المتظاهرين بالأعيرة النارية والخرطوش وأن هذه الجناية اقترنت بجرائم أخري تلتها منها الشروع في قتل المتظاهرين بالتحريض والمساعدة وأنهم جميعا فيما عدا عمر الفرماوي اتفقوا علي الحاق ضرر جسيم بالجهة التي يعملون بها باقتحام السجون وتهريب السجناء. وتقاعسوا عن تأمين المنشآت والمنازل وقطعوا الاتصالات عن المواطنين يوم 28يناير وتسببوا في حدوث فراغ أمني هائل أدي لإلقاء الرعب في نفوس المواطنين والحق بالاقتصاد القومي ضررا بالغا.

ثم تحدثت المحكمة الي المتهمين تباعا وسألتهم عن التهم المنسوبة اليهم فقال حبيب العادلي "لا يا افندم لم يحدث" وتبعه باقي المتهمين في الانكار وبدأ المدعون بالحق المدني في إبداء مطالبهم فطالبت هيئة قضايا الدولة بتعويض قدره 100مليون جنيه لصالح وزارتي الداخلية والمالية وطالب أحد المدعين بالحق المدني تعويضا قدره مليار جنيه من المتهمين وطالب آخر بضم حسني مبارك ونجله جمال واحمد عز كمتهمين في القضية كما شهدت الجلسة مشادات ومناقشات عنيفة بين المدعين بالحق المدني وبعضهم حيث طالب البعض السماح لزملائهم المحتجزين بالخارج من الدخول فاعترض البعض الاخر واستكملت الجلسة التي شهدت مطالبات من المدعين مدنيا بنقل الجلسة لمكان آخر اقترحوا أن يكون أرض المعارض بمدينة نصر وطالبوا أيضا بنقل جلسات المحاكمة علي الهواء.

وخلال الجلسة كانت اصوات طرق باب القاعة تدوي في المكان حيث كان المحتجزون من المحامين وأسر الضحايا يطرقون الباب بقوة بينما وقف أحد المصابين وطالب حرس المحكمة بالابتعاد عن القفص من الداخل والخارج حتي يتمكن من رؤية من اطلقوا عليه الرصاص وقتلوا زملاءه  وتضامن معه العشرات مؤيدين مطلبه إلا أن قوات الأمن المتواجدة أمام القفص تعاملت معه بغلظة، بعدها طلب المدعون بالحق المدني من المحكمة السماح لهم برؤية المتهمين وإبعاد الحرس من الداخل والخارج وسمحت لهم المحكمة فتوجهوا ناحية القفص إلا أن أحدا القيادات الأمنية منعهم وقال لهم "محدش هايقرب من القفص, هاتشوفوهم لما المحكمة توافق ومن مكانكم".

وردا علي سؤال أحد المحامين لأحد القيادات الأمنية "يعني انتوا راضيين باللي  كانوا بيعملوه؟" أجابت القيادة الأمنية "آه راضيين!!" وبين الشد والجذب والمشادات رفعت المحكمة الجلسة للمداولة ومعها انطلق المتهمون جميعا الي داخل الحجرة الملحقة بالحجز وعند عودة المحكمة لإعلان قرار التأجيل عادوا من جديد فقررت المحكمة التأجيل لجلسة 21مايو للإطلاع وفض أحراز القضية مع استمرار حبس العادلي ورمزي والشاعر وعبد الرحمن وفايد وقالت أنها ستخطر وزير العدل بطلبات نقل المحاكمة لمكان آخر.

وقبل أن يكمل رئيس المحكمة تلاوة القرار انصرف المتهمون من القفص وهو ما أدي الي ثورة أهالي الضحايا الذين ضجوا بالصراخ قائلين "باطل باطل" وأمسك أحدهم بملابس نجله التي لاتزال ملطخة بدمائه منذ يوم استشهاده وظل يصرخ قائلا "دم ابني راح هدر" وشهدت الجلسة حالة من الهرج والمرج الشديد انتهت بإخلائها بينما استمر أهالي الضحايا والمصابين في التظاهر أمام المحكمة.

المصدر جريدة الدستور الأصلى

Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق