د. حسن نافعة .. رسالة من مواطنة مهمومة 1/4

رسالة من مواطنة مهمومة 1/4
  بقلم   د.حسن نافعة    ١٠/ ٥/ ٢٠١١

١- استفتاء مريب

وصلتنى منذ أسابيع رسالة موقعة من القارئة/ هالة سعيد محمد، ولأنها تحتوى على وجهة نظر تستحق التأمل، فقد احتفظت بها على أمل أن تتاح فرصة لنشرها أو الاستفادة بها بطريقة أو بأخرى، لكن تدافع الأحداث أخذنا إلى مناحٍ شتى. وحين عثرت عليها مجدداً وجدت أنها تتطرق إلى أمور لايزال الجدل حولها محتدما. ورغم طولها النسبى فإننى وجدت أن نشرها كما هى أفضل وأعم فائدة. تقول الرسالة:

«السيد/

تحية طيبة وبعد

الحمد لله الذى سخر لهذه البلاد شباباً ورجالاً ونساءً ثاروا ليرفعوا الظلم، ويزيحوا الفاسدين والمفسدين، وتمكنوا بفضل الله من الإطاحة برأس نظام لم نكن نظن أو نتوقع أن يتنحى بعد أن جثم على البلاد ثلاثين سنة، وكاد يورثها لابنه من بعده.

وبعد الاحتفالات بدأنا ننظر حولنا نحاول أن نبنى بلدنا من جديد، ولكن يبدو أن من بيده مقاليد الأمور لا يساعد على ذلك، وإلا فما معنى ما يحدث:

بُحّت أصوات المثقفين، ومن يعنيهم أمر هذه البلاد، بأن الاستفتاء على التعديلات الدستورية خطوة غير موفقة، وأسهبوا فى شرح وجهة نظرهم، ومع ذلك أجرى الاستفتاء (لحاجة فى نفس يعقوب قضاها).

فوجئنا بحملة مريبة من رجال الدين لدفع الناس دفعاً للتصويت بنعم، قابلتها حملة فى الكنائس للتصويت بلا، ثم منع أولو الأمر الحملات الدعائية يوم الجمعة، ونفاجأ فى هذا اليوم بأن الحملة الوحيدة المباحة هى حملة خطباء مساجد القطر المصرى للتصويت بنعم، وهم أنفسهم الخطباء الذين كانوا الشهر الماضى يحثون الناس على عدم المشاركة فى الثورة تحت مسمى اعتزال الفتنة، حيث الجالس خير من الواقف والواقف خير من الماشى.. إلخ.

بعد ظهور النتيجة ظن من يسمون أنفسهم السلفيين - والسلف منهم براء - أن النتيجة استفتاء على نفوذهم ورضا الناس عنهم (ألم يكن الاستفتاء على الإسلام والمادة الثانية؟) فانطلق هؤلاء بين الناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فإن لم يأتمر الناس بأمرهم تحولوا إلى دور الشرطة بضبط الجناة، ثم إلى دور النيابة فالقضاء لإصدار الحكم على الجانى، ثم قاموا بدور الجلاد، ونفذوا القصاص!

كل ما سبق يعتبر فى عرف الدولة الحديثة خروجاً عن النظام والقانون يستلزم العقاب، ولكن فى بلادنا اكتسب شرعية مريبة عندما اتصل هؤلاء بالشرطة والجيش قائلين: (إحنا أخدنا حقنا تعالوا خدوا حقكم)، وما كانوا ليفعلوا ذلك إلا لاطمئنانهم الكامل أنهم بمنأى عن العقاب، ثم تكتمل فصول المأساة بقدوم الشرطة وممثل الجيش، وبدلا من معاقبة البلطجة الدينية يصبح الهدف الصلح بين الطرفين لوأد الفتنة، والحفاظ على استقرار البلاد!

 وتكررت اعتداءات السلفيين فى أكثر من بلدة وقرية، وفى كل مرة ينجون من العقاب!

 الخطورة الحقيقية ليست فى الجريمة، الخطورة فى موقف الدولة ممثلة فى الجيش والشرطة، ما معنى هذه السلبية؟ وما معنى جر المجنى عليه جراً لجلسة صلح دون أن يقتص ممن آذوه؟ وما معنى تنازل الشرطة والجيش عن حق الدولة فى معاقبة الجانى؟ وما معنى إفلات هؤلاء من العقاب لاعتدائهم على سلطة الدولة؟

بالإضافة إلى الجرائم الدينية (التى بسبيلها أن تكتسب الشرعية لأنها تتم باسم الدين) نرى انفلاتا فى النظام العام، واعتداء على هيبة الدولة وقوانينها، والدولة غائبة ومتنازلة عن حقها، ويبقى الحال على ما هو عليه. فى حين نرى حزماً وشدة وصرامة فى فض اعتصامات بعينها، وكلنا تابع بعض مشاهد المعذبين على الإنترنت، وتابعنا التقرير الذى أذاعته الـ(سى. إن. إن) عن المغنى رامى عصام والبنات اللاتى بعد اعتقالهن تعرضن لكشف مهين لإثبات عذريتهن! أين هذا الحزم وهذه الشدة مع أمثال هذه الجرائم التى سطرتها آنفاً؟».

... وللرسالة بقية

المصدر جريدة المصرى اليوم

Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق