الغارديان: مصر الجديدة المتحررة من خدمة المصالح الإسرائيلية أفضل للغرب

ترى صحيفة الغارديان في افتتاحيتها أن توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية في القاهرة الأربعاء برعاية مصرية قد يكون الحدث الأهم وسط كل ما يجري في أنحاء عديدة من الوطن العربي، بما يدل عليه من بروز الدور المصري الفاعل في المنطقة من جديد بعد ثورة 25 يناير، والمتحرر من خدمة الأهداف الإسرائيلية.

تبدأ الصحيفة افتتاحيتها باستعراض ما يجري في العالم العربي فتقول "الفوضى والخراب أصبحا حدثا يوميا. قاذفات الصواريخ تدك مدينة ليبية فيما تقوم سفينة إغاثة بإجلاء الجرحى من أخرى".

"والمحكمة الجنائية الدولية تعد لإصدار 3 مذكرات توقيف ضد نظام العقيد القذافي بتهم ارتكاب جرائم حرب. الدبابات تنتشر في سوريا، رئيس يرفض التنحي في اليمن. قمع للاحتجاجات في البحرين، وانشقاق يتجمع تحت السطح في السعودية والأردن.

"كل هذا يمر كأحداث يوم آخر في حياة الشرق الأوسط. ومن السهل في هذه الدراما اليومية على مدار الساعة والأيام ألا نتبه لحدث له القدرة على تغيير المشهد بطريقة أشد وقعا من وفاة بن لادن".

هذا الحادث جرى في مصر الأمس (الأربعاء) حين التقى في القاهرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ـ الرجلان اللذان كرسا جل وقتهما في الأعوام الأربعة الماضية لإضعاف الواحد منهما الآخر ـ لتوقيع الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية.

وتنبه الغارديان إلى أن أنه لا يجب التقليل من شأن ما يمكن أن يسفر عنه مثل هذا الاتفاق، رغم أنه "لا يتجلى فيما يمكن أن يفعل أو لا يفعل للعملية السلام، فقد قتلت هذه في الميدان منذ أمد طويل وليس بيد حكومة إسرائيلية واحدة وإنما عدة حكومات".

وتلقي الصحيفة باللوم في ذلك على إسرائيل فتقول "لو كان عباس قد منح إمكانية حقيقية لتوقيع اتفاقية يمكن أن تؤدي لتشكيل دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم يكن الحق الفلسطيني في العودة قد ألغي من طرف واحد، لربما كان لنتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) بعض الحق حين اتهم نظيره بإدارة ظهره للسلام، ففي النهاية لم تكن هناك عملية سلام لإدارة الظهر لها".

وتفسر الغارديان فتقول "ما كان هو مجرد جمود الأمر الواقع. ورد فعل إسرائيل لعملية السلام بمنع تحويل مبلغ 89 مليون دولار للسلطة الفلسطينية يعمق هذه الفكرة بأن الأمر الواقع غير مقبول. فهذه الأموال ـ في النهاية ـ هي اموالهم وليست أموال إسرائيل".

"وقد تتباين درجة الاعتمادية على إسرائيل، إلا أن كل فلسطيني يعيش في النهاية رهينة الأوامر الإسرائيلية. وهذا أمر لا يمكن أن يدوم، وكان يشكل الواقع اليومي لما يطلق عليه اسم عملية السلام".

وتستنتج الصحيفة أن الطريق الوحيد أمام الفلسطينيين جميعا مهما كانت توجهاتهم هي "الوحدة والإصلاح وتعزيز قيادتهم، وهذا ما بدأ يحدث الأمس".

وتشير الغارديان إلى أن اتفاق القاهرة قد يكون أقل هشاشة من ذلك الذي وقع في مكة قبل أربعة أعوام، إلا أنه لا يمكن لعقارب الساعة ـ كما ترى الصحيفة ـ أن تعود إلى الوراء.

والعامل الجديد الذي تغير ـ كما تشير الغارديان ـ هو في بروز القاهرة من جديد كلاعب رئيسي في الشرق الأوسط. وتعتقد الصحيفة أنه إذا ما نجحت مصر في إعادة فرض نفسها كما فعلت تركيا فإن لديها من الأوراق ما يجعلها تستطيع تغيير ميزان القوى. ولذا ـ كما تختم الغارديان افتتاحيتها ـ فإن من مصلحة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تماما أن تكون هناك حكومة في القاهرة تبقي على معاهدة السلام مع إسرائيل لكن لا تكون ذليلة لمصالح الأخيرة.


Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق