د. حسن نافعة .. هيكل و الضربة الجوية

هيكل والضربة الجوية
بقلم   حسن نافعة    ١٧/ ٥/ ٢٠١١

تلقيت رسالة تحمل وجهة نظر أخرى عن دور «الضربة الجوية» فى حرب أكتوبر تختلف عن تلك التى عبر عنها الأستاذ محمد حسنين هيكل فى أحاديثه الأخيرة. ولأنها تحمل توقيع أحد رجال القوات الجوية، الذين شاركوا فى حرب أكتوبر، أعتقد أن من حق القارئ أن يتعرف عليها بصرف النظر عن مدى اتفاقه أو اختلافه معها. وقد اضطررت لاختصارها بعض الشىء لدواعى المساحة.

تقول الرسالة:

«أستاذ هيكل..

نقر لك فى البداية بأنك كاتب مشهور منذ أكثر من خمسين عاماً.. وأنك تمتلك شبكة علاقات واسعة ومتشعبة.. كما نشهد لك بأنك خبير فى كل الأمور السياسية والعسكرية والاستراتيجية، بحسب ما تقوله فى كتاباتك، لكن كل هذا لا يعطيك الحق فى أن تخوض فى أمور وأحداث مازال أبطالها أحياء..

وأن تطرح تخيلات للتوصل لنتائج هى أبعد ما تكون عن الحقيقة التى نعلمها نحن شهود هذه الأحداث. وحتى أشهد القارئ على صحة ما أقول فلنرجع إلى مقالتك بصراحة التى كتبتها فى ٢ يونيو١٩٦٧ وقد قلت فيها بالنص (إما أن تضرب إسرائيل لكى تكسر الحصار العربى حولها.. وإما ألا تضرب وتنكسر من الداخل. ومهما يكن ودون محاولة لاستباق الحوادث فإن إسرائيل مقبلة على عملية انكسار تكاد تكون محققة سواء من الداخل أو الخارج).

هذه كانت كلماتك يا أستاذ هيكل بما لديك من وعى سياسى واستراتيجى وعسكرى. وقد ذكرت فى حواراتك فى قناة الجزيرة معلومات عن حرب ١٩٦٧ أعلم يقيناً أنها غير صحيحة، وصدقك العامة، لأن المتحدث هو الأستاذ هيكل المشهور المطلع وحده على كل الأحداث.. والرد على ما قلته موجود وموثق وأنا شخصياً جاهز لتفنيد كل ما ذكرته.

ثم جاءت الثورة المصرية الرائعة وسقط حسنى مبارك لأخطائه الفادحة والكارثية. وكان لابد أن تدلى بدلوك فى الأحداث وأنت العليم بكل الأمور. فاخترت أن تشكك فى الضربة الجوية الأولى حتى تثبت أن مبارك كان فاسداً، وهو مبدأ غريب.. فأخطاء مبارك كثيرة ومتعددة طوال ٣٠ عاماً، بل حتى فى حرب أكتوبر كانت له أخطاء فادحة، لكن هذا لا ينفى عظمة وروعة التخطيط والأداء فى الضربة الجوية الأولى.

أنت تقول يا أستاذ هيكل إن الأمر لم يكن يحتاج إلى كل هذا العدد من الطائرات وكان يكفى (١٢ - ١٨) طائرة لكى تقوم بالمهمة.

وإن إسرائيل أخلت المواقع المستهدفة فكانت خسائرها محدودة، وإن هذا العدد (٢٢٠ طائرة) كان لرفع الروح المعنوية لجنود الجبهة.

واسمح لنا نحن العسكريين أن نرد عليك بوقائع وأسلوب علمى عسكرى، حتى لا يصبح حوارنا كلاماً فى كلام.

أولا: كانت أهداف خطة الضربة الجوية: (١) قصف وتدمير ٣ مطارات (المليز وتمادا ورأس نصرانى)، وكل مطار يحتاج إلى ٨ – ١٢ طائرة.

(٢) مهاجمة وتدمير ٤ مواقع صواريخ هوك مضادة للطائرات، وكل موقع يخصص له ٨ طائرات.

 (٣) تدمير مركزى قيادة وسيطرة فى أم مرجم وأم خشيب وكل مركز يحتاج إلى ١٢ طائرة.

(٤) قصف ١١ موقع مدفعية، وكل موقع يحتاج إلى ٤ طائرات. وبهذا يكون مجموع الطائرات المطلوبة لمهاجمة وتدمير الأهداف الموضوعة هو ١٣٦ طائرة.

 أما باقى الطائرات فكانت مخصصة لمهاجمة وتدمير التجمع الرئيسى لقوات العدو أمام كل من الجيشين الثانى والثالث، لأن المدفعية المصرية لم تكن قادرة على تدمير كل تلك الأهداف التى ستؤثر فى الساعات الأولى من عملية العبور.

ثانيا: لم تسحب إسرائيل أياً من قواتها أو معداتها قبل الهجوم، لأنها كانت على علم ودراية بكل ما تقوم به القوات المسلحة المصرية من حشد فى منطقة القناة. لكنهم كانوا مختلفين فى الحكومة الإسرائيلية حول ما إذا كانت مصر ستقوم بالحرب أم لا؟.

 وقد رتبوا لأن يقوموا بهجمة جوية على مصر يوم ٨ أكتوبر إذا تأكد لهم أننا جادون فى بدء الحرب. وأنا لا أشاهد الأحداث عن قرب مثلك لكنى أحيلك إلى مذكرات جولدا مائير، رئيسة الحكومة، ومذكرات موشى ديان، وزير الدفاع، ومذكرات إيلى زعيرا، رئيس الاستخبارات العسكرية، وقد اتفقوا جميعهم على ما ذكرته».

لواء طيار أ. ح متقاعد

محمد زكى عكاشة

المصدر جريدة المصرى اليوم

Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق