تخاريف جلال عامر .. أول امتحان حقيقى

أول امتحان حقيقى
بقلم   جلال عامر    ٢١/ ٥/ ٢٠١١

«الناجح يرفع إيده» فليس مهماً من يرسب لكن المهم أن تنجح «الدولة» فى امتحان الثانوية العامة بعد أسابيع لأن رسوبها سوف يُسقط معها الهيبة والاحترام ومواد أخرى.. فهذا أول اختبار حقيقى لدولة ما بعد الثورة وما قبل الفوضى نظراً لخلو «اللجان» من الإشراف القضائى.. وأيامنا كانت نتيجة الابتدائية تنشر فى الصفحة الأولى من الصحف ومعها صورة الناظر وهو يجمع المصاريف وكانت الإعدادية أغلى من صفيحة السمنة وتؤهل صاحبها لركوب الترام، وقد حصلت على الثانوية العامة بمجموع يؤهلنى للانضمام إلى دول مجلس التعاون الخليجى لكن بسبب المشوار التحقت بهندسة الأزهر ثم طب بيطرى القاهرة ثم زراعة الإسكندرية ثم الكلية الحربية فى موسم واحد مثل مدربى النادى المصرى، ومع ذلك تظل الثانوية العامة فى قلوبنا مثل أول حب فى حياة التلميذ «كتبها لغيرى وابتلانى بحبها» نتذكر مجموعها جيداً ونضيف إليه (٢٠%) قيمة الضريبة قبل أن نبلغه لأولادنا..

وقد استدعى أحد الرؤساء السابقين المفكر المعروف الدكتور «عبدالعظيم أنيس» وطلب منه أن يعطى ابنه الوحيد درساً فى الرياضيات فقال الدكتور للرئيس (حضرتك لم تطلبنى لأننى رئيس قسم الرياضيات فى كلية العلوم ولكنك طلبتنى لأننى أشرف على وضع امتحان الثانوية العامة لذلك أعتذر) وقد رحل الرئيس والدكتور وبقيت الثانوية العامة مثل العَلم والنقود الورقية رمزاً على وحدة الدولة وهيبتها.. وفى السنوات الأخيرة بدأت أراجع أسماء الأوائل ولاحظت ليس فقط أنها تخلو من اسمى ولكن أيضاً أن معظم الأسماء من المناطق النائية التى تخلو من الرقابة على المصنفات الفنية (طبعاً مش كلهم)..

وكل المعارضين للعفو عن «مبارك» والموافقين على بيع «شيكابالا» يشعرون أن الدولة فى حاجة لمراجعة نهائية قبل ليلة الامتحان لأنه امتحان حقيقى لوجودها، وكلنا يعرف - ما عدا أنا - ماذا حدث للإمبراطورية الرومانية عندما عمت الفوضى وانتشر الغش، فقد اختفت من الوجود لتظهر فى الأفلام فقط.. فعلينا جميعاً أن نتعاون لتنجح التجربة ويتصاعد غاز الأكسجين المنعش ونغنى «الناجح يرفع إيده» فيكون أول من يرفع يده هو الدولة.

galal_amer@hotmail.com

المصدر جريدة المصرى اليوم

Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق