جلال عامر .. الزلعة والخزف

الزلعة والخزف
جلال عامر
Sat, 11/06/2011 - 08:00

لا أعرف أسعار البورصة عند آخر إقفال لكننى أعرف أن حبك الأول هو حبك الأخير، فلا تصدق من يفتح قلبه أمامك فنحن لا نفتح قلوبنا إلا أمام الأطباء.. ففى هذا الزمان اختلط «الخل الوفى» بـ«اللهو الخفى»، وضاع منا الصديق وأنا بأعشق الطريق.. وأتخيل أحياناً أن ثوراً هائجاً دخل إلى محل خزف..

ومع ذلك يظل لكل منا «زلعته»، وأرجوك اقرأ هذا الفيلم التسجيلى القديم مرة أخرى وأخيرة ثم نلتقى بعده: (فى أحد أركان البيوت المظلمة وبعيداً عن متناول الأطفال توضع «الزلعة» بمعرفة حكومة البيت ويكتب عليها ضمناً «ممنوع الاقتراب والتصوير» وكأنه دستور حياة، فهى تحتوى على الاحتياطى الاستراتيجى من «المش» وهو خط الدفاع الأخير للغلابة إذا عز اللقاء مع غموس آخر..

 وقد غير التراث الشعبى محتويات «الزلعة» فى الحكى إلى ذهب وياقوت ومرجان وهو ما كان يحلم به الراوى الجعان.. وتغيرت وظيفتها من مجرد تحقيق «الاستقرار» فى البيت إلى محاولة تحقيق «التنمية»، فتضاف إلى الزلعة بقايا الطعام، وقد يضيف الأطفال خلسة غويشة بلاستيك أو فردة شبشب..

ولكل منا فى الحياة زلعته الخاصة ومستودع آماله، وحيثما تكون زلعتك يكون قلبك.. والبنك المركزى هو «زلعة» البنوك وحافظ «مشها» والأمين عليه.. كما أن المحليات والشركات والمجالس هى «زلع» الحكومة تضع فيها رديف الجيش والشرطة والقضاء والجامعات وأشياء أخرى، ولها أن تضيف إليها أو تأخذ منها كما قال «طه حسين» عن اللغة العربية فهى تملكها وهى التى وضعتها بعيداً عن متناول الناس.. والإضافات الكثيرة إلى المش لا تغير من طبيعته ولا تمنعه أن يحمى على الصدر بالضبط كما تفعل التعديلات الدستورية..

فالإضافات والتعديلات هى محاولة تجميل فقط للمساعدة على البلع، إذ كثيراً ما يتمرد الأطفال على «المش» والشعوب على «الغش» ويزعمون أن «دود المش منه فيه» وأن «حاميها حراميها» فيمتنعون عن الأكل ويضربون لكنهم لا يقتربون من أصل الداء «الزلعة المقدسة»).. والذى تعلمناه أخيراً هو وضع مشاكلنا فى داخل «الزلعة» ثم إغلاقها بإحكام.. كفانا تخزيناً للزلع المغلقة وجربوا الشفافية والصراحة.
galal_amer@hotmail.com

المصدر جريدة المصرى اليوم

Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق