حسن نافعة .. مصير مجهول ينتظر رئيس مصر القادم

مصير مجهول ينتظر رئيس مصر القادم
حسن نافعة
Fri, 17/06/2011 - 08:03

لا يستطيع أحد أن يتكهن بالموعد الذى ستجرى فيه انتخابات الرئاسة المقبلة فى مصر. فلا يوجد فى «الإعلان الدستورى» ما يقضى بضرورة إجرائها فى موعد محدد، بعكس الحال بالنسبة للانتخابات البرلمانية، والتى يتعين إجراؤها فى موعد أقصاه نهاية سبتمبر المقبل، أو بالنسبة لتشكيل الجمعية التأسيسية المكلفة بصياغة دستور جديد والتى يتعين الإعلان عن تشكيلها فى موعد لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ انعقاد أول جلسة للبرلمان. معنى ذلك أن مصر ستجد نفسها أمام احتمالين لا ثالث لهما، الأول: إجراء الانتخابات الرئاسية القادمة قبل الانتهاء من صياغة وإقرار دستور جديد، وهو ما يفهم من تصريح سابق لمساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية، والثانى: تأجيل هذه الانتخابات إلى ما بعد إقرار الدستور الجديد، أى إلى النصف الثانى من 2012، وهو احتمال لا ينبغى استبعاده. ولكل من هذين الاحتمالين نتائج وتأثيرات مختلفة تماما فيما يتعلق بتطور العملية السياسية فى مصر.

فإجراء الانتخابات الرئاسية قبل وضع دستور جديد معناه أن الرئيس المنتخب سيتمتع بالصلاحيات المنصوص عليها فى «الإعلان الدستورى» المطبق حاليا، وهى صلاحيات مستمدة من دستور 1971 الرئاسى التوجه الذى يركز معظم السلطات فى يد شخص رئيس الدولة. ومن الطبيعى أن تستهوى هذه الصلاحيات الواسعة شخصيات بعينها يغلب عليها الطموح الشخصى فى العادة للترشح لهذا المنصب الرفيع، لأنها تتيح لمن يفوز به فرصة حقيقية لإحداث التغييرات التى قد يرى ضرورة إدخالها على السياسات والتوجهات القائمة ولكى يكون بمقدوره أن يصبح لاعبا رئيسيا على الساحة السياسية. غير أن الرئيس الفائز سرعان ما سيجد نفسه فى وضع مختلف تماما فى حال ما إذا تبنى الدستور الجديد النظام البرلمانى. فمن المعروف أن النظام البرلمانى يقلص من صلاحيات رئيس الدولة إلى أدنى حد ممكن وينقل السلطة الفعلية إلى رئيس وزراء يتعين أن يكون زعيم الحزب اللفائز بأغلبية المقاعد فى البرلمان. ولأن الدستور الجديد سوف يصاغ فى ظل وجود رئيس منتخب فقد يحاول هذا الأخير التدخل والتأثير على عمل الجمعية التأسيسية. وفى جميع الأحوال، من المتوقع أن تنشأ أوضاع معقدة قد تدفع بالرئيس المنتخب حديثا إلى تقديم استقالته ليتسنى اختيار رئيس بالمواصفات المطوبة فى نظام برلمانى.

أما إذا اجريت الانتخابات الرئاسية بعد صياغة دستور جديد فسوف يترتب على ذلك نتائج محددة، هى بطبيعتها مختلفة عما كان يجرى الترويج له فى السابق، من أهمها: 1- أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيظل فى السلطة حتى نهاية عام 2012 على الأقل لأنه لن يسلم السلطة قبل وجود رئيس منتخب للجمهورية. 2- يتوقع أن ينسحب من السباق الرئاسى، فى حال ما إذا استقر الرأى على نظام برلمانى، معظم الوجوه التى كانت قد أعلنت عن رغبتها فى الترشح لمنصب الرئيس، خصوصا الشخصيات الكبيرة التى لم يسبق لها ممارسة العمل السياسى من خلال أحزاب قائمة ولا تتوافر لديها الرغبة حاليا لتشكيل أحزاب خاصة بها للقيام بالدور السياسى الذى تطمح إليه من خلال منصب رئيس الوزراء بدلا من رئيس الدولة. ولأن إدارة قواعد اللعبة السياسية فى نظام برلمانى تختلف عنها فى نظام رئاسي، يستحسن بطبيعة الحال أن تكون هذه القواعد واضحة قبل إطلاق السباق، سواء تعلق الأمر بالانتخابات الرئاسية ام بالانتخابات البرلمانية.

لكل هذه الأسباب أتمنى شخصيا أن تتمكن جميع القوى السياسية من التوافق على آلية لتشكيل لجنة تأسيسية لصياغة دستور جديد قبل الشروع فى أى انتخابات. وأود أن أؤكد لكل من يتبنى وجهة النظر المخالفة، والتى أحترمها تماما، أن تفضيلاتى ليست مدفوعة بمخاوف من أحد أو على أحد ولا علاقة لها بأى توجهات أيديولوجية من أى نوع، وليس لى اى مصلحة شخصية مع هذا الفريق أو ذاك. إنه مجرد اجتهاد مبنى على اعتبارات فنية بحتة، وفى حدود ما يستطيع العقل أن يدرك والبصر أن يرى. وكل اجتهاد عرضة للصواب والخطأ. فالكمال لله وحده.

المصدر جريدة المصرى اليوم

Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق