فقراء هذا الوطن

بقلم: عماد الدين حسين
1 يونيو 2011 08:05:48 ص بتوقيت القاهرة

فقراء هذا الوطن

بصريح العبارة، فإنه من دون تحقيق العدالة الاجتماعية وإنصاف الغلابة وفقراء هذا الوطن، فلن تنجح ثورة 25 يناير.

ولسوء الحظ فإننا ننشغل بقضايا كثيرة هذه الأيام ليس فى مقدمتها قضية حقوق الفقراء والمساكين. ننشغل بقضايا مهمة مثل الدستور والانتخابات ومحاكمة الفاسدين، لكننا ننشغل بقضايا فرعية وهامشية كثيرة لكى ننصرف عن قضية العدالة الاجتماعية.

الحرية لا تتحقق من دون هذه العدالة، والكرامة لا يمكن أن يشعر بها الجائع والمحروم والمحتاج.

القوى السياسية التى لا تضع حقوق الفقراء فى مقدمة أولوياتها إما إنها غائبة أو مغيبة عن المشهد الإعلامى.

أعلم أن هناك أحزابا وقوى سياسية مهمومة بهذا الأمر خصوصا الأحزاب ذات التوجهات اليسارية، لكنها للأسف لم تستطع حتى الآن جعل هذه القضية فى مقدمة جدول أعمال المجتمع.

بعض الإعلام يلعب دورا رئيسيا فى هذا الصدد، فعندما يحتفى هذا الإعلام بقضايا هامشية وأحيانا مفتعلة ويركز عليها بعيدا عما يهم غالبية المواطنين فإنه يلعب، سواء بحسن أو سوء نية، دورا مشبوها من أجل «لخبطة» الأولويات.

ليس عيبا أن ننتقد الذين يدعون إلى أو يحرضون على أو ينفذون المظاهرات والاحتجاجات الفئوية، لكن علينا أن نفرق بين شخص أو مجموعة تريد علاوة أو تحسين رواتب الآن وفورا، وبين أولئك المطالبين باعادة النظر فى كل منظومة الأجور والإنتاج وعلاقات العمل. من المهم تشجيع رجال الأعمال والمستثمرين على العودة وإشعارهم بالأمان، لكن ليس على حساب بقية المجتمع.

إذا كانت عودة هؤلاء بنفس المنطق القديم فلا نملك إلا أن نقول «عليه العوض».

قبل الثورة كانت الحكومة مشغولة بإرضاء رجل أعمال واحد مثل أحمد عز وحفنة من امثاله وحواريى النظام على حساب كل الشعب وهذا لا يمكن أن يتكرر مهما كان اسم رجل الأعمال الجديد.

كانت الحكومة منشغلة باعطاء الأرض والتسهيلات لأبناء الرئيس وأصدقاء الرئيس، وأصهار الرئيس وكل معارف السيد الرئيس، وذلك لا يمكن أن يتكرر ايضا. كانت الحكومة تمن على العمال والموظفين لأنها تكرمت وتفضلت بصرف علاوة لهم قدرها 5٪ من الراتب الأساسى وذلك سلوك لا يمكن قبوله مرة أخرى.

على الحكومة أن تشجع كل رجال الأعمال الشرفاء الراغبين فى المكسب العادل ، لكن عليها ألا تنسى أن المواطن الغلبان هو الأولى بالرعاية.

لا نريد من الحكومة أن تستنسخ تجربة القطاع العام فى الستينيات من القرن الماضى، لا نريدها أن تعطى الفقراء إعانات بطالة، او توزع كوبونات هنا وهناك. نريد سياسة اقتصادية خلاقة تجعل الجميع ينصهر فى بوتقة عمل وإنتاج، نريد علاقات عمل تنحاز بوضوح لغالبية المجتمع، خصوصا المنتجين منهم.

لو أن الثمن الذى ستدفعه الحكومة لصندوق النقد والبنك الدوليين سيتحمله فى النهاية الفقراء ومحدودو الدخل، فعلينا أن ننصح الحكومة بوضوح ونقول لها: احترسى فالفقراء هم الذين تحملوا عبء فاتورة فساد نظام مبارك.

ما يشغل غالبية الشعب الآن هو الحد الأدنى للأجور، وان يشعر بالأمل فى الغد، وان يطمئن على تعليم جيد وصحة فعالة.. نريد نظاما سياسيا ينحاز لغالبية الناس.. يأخذ الضرائب العادلة من الغنى حتى لا يموت الفقير من الجوع.. قبل هذا وبعده يقيم نظاما سياسيا يطبق على الارض «حرية.. عدالة.. كرامة إنسانية».
المصدر جريدة الشروق

Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق