حسن نافعة .. فلتكن جمعة لم الشمل

فلتكن جمعة لم الشمل
حسن نافعة
Thu, 07/07/2011 - 08:05

دخلت ثورة 25 يناير منعطفا جديدا قد يقود إلى متاهة قد تحول دون تحقيق الأهداف النبيلة التى قامت من أجلها، وفى المقدمة منها التأسيس لنظام سياسى جديد يتسع لمشاركة الجميع ولا يستبعد أحدا. فالقوى السياسية والاجتماعية التى وحدتها كراهية نظام نجحت فى إسقاط رأسه - عادت لتتفرق من جديد بسبب الخلافات التى اندلعت بينها حول شكل ومضمون وسبل إقامة النظام السياسى الجديد الذى تسعى لتأسيسه.

وقد جسدت حالة الاستقطاب التى تمحورت حول «الانتخابات أم الدستور أولا» عمق هذه الخلافات، التى وصلت إلى درجة قيام الدكتور محمد مرسى، رئيس حزب «الحرية والعدالة»، باتهام القوى المطالبة بالدستور أولا «بالعمالة للأمريكان والصهاينة»، وذلك وفقا لتصريحات نشرتها «المصرى اليوم» أمس الأول، وأثارت ردود أفعال عنيفة. فقد أصدرت الجمعية الوطنية للتغيير بيانا طالبت فيه «بانسحاب كل القوى الوطنية والديمقراطية المشاركة فى التحالف الانتخابى الشكلى مع الإخوان وحزبها»، واعتبرت أن تصريحات الدكتور مرسى «تعكس النزوع الاستبدادى العميق للجماعة وتقوض الأساس لأى ائتلاف سياسى وطنى ديمقراطى حقيقى».

ولأن هذه التطورات تأتى فى وقت تواجه فيه الثورة تحديات كبيرة، وهو ما كشفت عنه أحداث مسرح البالون الدامية خلال الأسبوع الماضى وصدور أحكام بالبراءة، أمس الأول، لصالح عدد من رموز النظام السابق، كما تأتى عشية الدعوة للخروج فى مظاهرة مليونية جديدة غداً تحت شعار «التطهير والقصاص»، فليس من المستبعد أن تسفر التطورات الجارية حاليا على الساحة السياسية المصرية عن مضاعفات خطيرة قد تنتهى بتمكين القوى المعادية للثورة من الانقضاض عليها وتصفيتها نهائيا.

لذا تبدو الحاجة ماسة إلى مبادرة شجاعة تقدم عليها كل الأطراف وتفرض عليها، دون استثناء، ضرورة القيام بمراجعة متأنية وحكيمة لمواقفها فى ضوء معطيات الوضع العام الحالى برمته، وتقديم التنازلات الضرورية للخروج من هذه الدائرة المفرغة من الأفعال وردود الأفعال العقيمة.

لماذا لا تحاول مختلف القوى السياسية صاحبة المصلحة فى التغيير بذل كل ما فى وسعها لتحويل «جمعة التطهير والقصاص» من مناسبة لتعميق الانقسام وتبادل الاتهامات إلى مناسبة لعودة الالتحام ورص الصفوف من أجل حماية ثورة هى فى النهاية ملك الجميع؟ فمن شأن مشاركة جميع التيارات فى إنجاح هذه المليونية الجديدة أن تعيد التأكيد على أن الكل حريص على مصلحة الثورة قدر حرصه على مصالحه الذاتية إن لم يكن أكثر، وهو ما تحتاجه الثورة بإلحاح فى هذه اللحظة.

لذا أقترح على جميع القوى المطالبة بالدستور أولا أن تنحى هذا الشعار جانبا فى هذه الجمعة بالذات، وأن تلتزم جميع التيارات برفع شعارات موحدة لا خلاف عليها، وهى كثيرة فى مقدمتها تطهير القضاء وتأكيد استقلاله.. إلخ. كما أقترح أن تجرى محاولة جادة عقب نجاح هذه المليونية المهمة والمحورية لتشكيل لجنة محدودة، لا يتجاوز عددها عشرين عضوا على أكثر تقدير، تتولى بحث الصيغ والبدائل الممكنة للخروج من هذه الدائرة المفرغة.

فلا يوجد خلاف على أن المرحلة الحالية تتطلب صياغة قواعد لإدارة اللعبة السياسية على نحو يمهد للتأسيس لنظام يضمن مشاركة الجميع ولا يستبعد أحدا، وهو ما يتطلب التعاون وليس التنافس على الحصول على نصيب من كعكة لم يتم طهوها بعد. وفى تقديرى أن بوسع هذه اللجنة، إن سادت أجواء من حسن النية والثقة المتبادلة، أن تبحث فى إمكانية الاتفاق على جملة من الأمور، منها:

 1- مواعيد محددة للانتخابات البرلمانية والرئاسية ولإعادة تسليم الجيش السلطة.

 2- المبادئ العامة الحاكمة التى يتعين تحصينها فى الدستور ضد أى محاولات للعبث بها.

3- التنسيق فى الانتخابات البرلمانية بما يضمن أن يكون البرلمان المقبل قويا ويليق بأول برلمان بعد الثورة.

فى حال توصل الأطراف المختلفة إلى وفاق حول أمور بعينها تستدعى إجراء تعديلات فى الإعلان الدستورى أو إصدار تشريعات جديدة، يصبح الضغط من أجل إجراء هذه التعديلات أكثر سهولة ويسرا فى هذه الحالة. فهل ننجح فى هذا الاختبار الصعب؟ لن يرسب أحد وحده، فإما أن ننجح معا أو نرسب معا.

المصدر جريدة المصرى اليوم


Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق