يسرى فودة .. الطريق إلى جهنم

الطريق إلى جهنم
يسري فودة
Sun, 10/07/2011 - 08:05

الذى حذّرنا ذات يوم من أن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة لم يكن يقصد أن يشجعنا على أن نتخلى عن النوايا الحسنة، بل كان يدعونا إلى أن نكون على وعى بها وبسياقها الذى تولد فيه، وبأن نحتفظ بأعيننا مفتوحة طول الوقت خوف أن يقودنا جمالها الأعمى بطبيعته إلى قبح المنتهى.

والذين اعتقدوا – ولايزال معظمهم يعتقد حتى بعد ذلك كله – أن الدكتور عصام شرف يفيض بالنوايا الحسنة، يعلمون أكثر من غيرهم أنه قد بلغ فى هذه اللحظات أقصى درجات قوته التفاوضية. إذا لم يكن بين يديه ما يكفى من أسلحة على مدى نحو خمسة أشهر فلقد قدمت له ميادين التحرير يوم الجمعة ترسانة منها تكفيه لسنوات إن أدركها وإن شاء أن يستخدمها لخير مصر.

لقد سقط الرجل الآن فى منطقة «إما أو»، فليس ثمة من احتمال ثالث يمكن أن يشرح لنا خيبة الأمل هذه كلها بعد إحباط الشهور تلك كلها. فإما أنه غير راغب فى الإنجاز، وإما أنه غير قادر عليه. ولأننا اعتقدنا – ولايزال معظمنا يعتقد – أنه راغب حقاً فى الإنجاز فلابد إذن أنه غير قادر عليه. لماذا إذن هو كذلك؟ أكثر التبريرات انتشاراً بين الناس أنه حمل من المسؤوليات أكثر بكثير من الصلاحيات وهذه روشتة جهنمية نمطية للفشل.

ماذا يمكن له أن يفعل والأمر كذلك؟ يتلخص الأمر مرة أخرى فى «إما أو». فإما أن يتجرأ فيستمد قوته – كما فعل أصلاً – من ميادين التحرير فيطرح ما تطرحه بكل أمانة وبكل ثقة وبصورة فورية أمام المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى هو أيضاً يعلم جيداً ما يحدث ولماذا يحدث، وإما أن يأخذ بنصيحة الدكتور محمد البرادعى: أن «يلم شنطته ويمشى». لا توجد منطقة وسطى بين هذا وذاك وهو يعلم هذا جيداً لأنه يعلم أن الثورة، أى ثورة من أى نوع، لا تتمتع بكثير من الصبر.

إذا كان إخفاق الشهور الخمسة غير كاف فلقد أتى علينا الرجل بما يتعدى مجرد الإخفاق إلى ما يشبه الفشل الكلوى التام. فبينما كانت طبول جمعة «الثورة أولاً» تقرع فى كل مكان وصلتنا أخبار عن عودة وزارة الإعلام، هكذا بكل بساطة، وكأن شيئاً لم يكن، وكأن ثورة لم تقم. وفى هذا المثال أوضح تجسيد لمقولة إن الطريق إلى جهنم مفروش حقاً بالنوايا الحسنة. ففى تبريره يزعم مجلس الوزراء أن هذه العودة «مؤقتة لحين تطوير الأداء وإعادة الهيكلة».

انطلاقاً من المبدأ نفسه، وإذا سمح لى الدكتور عصام شرف، فإننى أقدم له اقتراحاً آخر بالمرة: لماذا لا نفكر أيضاً فى إعادة السيد حسنى مبارك المخلوع بصورة مؤقتة لحين تطوير الأداء واستعادة «الاستقرار»؟

أنا عايز أخويا عصام.

استقيموا يرحمكم الله.





Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق