حسن نافعة .. حصار الثورات العربية يبدأ من مصر

حصار الثورات العربية يبدأ من مصر
حسن نافعة
Wed, 06/07/2011 - 08:05

تعيش الشعوب العربية فى هذه الأيام حالة «فوران ثورى» بسبب اليأس من إمكانية إصلاح نظم حاكمة هيمنت على مصائرها ومقدراتها ردحاً طويلاً من الزمن، ولم يعد لديها ما تقدمه لها سوى الفساد والاستبداد والتخلف والتبعية للخارج. ولأنه لا يوجد فى العالم العربى، رغم التباين الكبير فى أوضاعه السياسية والاجتماعية، نظام واحد يمكن أن نقول إنه يمثل شعبه تمثيلاً صادقاً أو يعبر عن إرادته تعبيراً حقيقياً، فمن الطبيعى أن تتحول الحالة الثورية التى انطلقت فى بعض الأقطار العربية إلى حالة عامة مرشحة للتمدد والانتشار لتشمل العالم العربى كله من أقصاه إلى أقصاه.

قد يرى البعض أن منطقة الخليج العربى مستثناة من هذه الحالة ومحصّنة ضدها، وأن مسيرة الثورة العربية لن تستطيع أن تصل إليها، بسبب الطبيعة القبلية لمجتمعاتها من ناحية، وبسبب ما تتمتع به هذه الدول من وفرة فى مواردها النفطية، مقارنة بقلة عدد سكانها، من ناحية أخرى. غير أننى لا أتفق مع وجهة النظر هذه، وأعتقد أن شرارة الثورة العربية ستصل منطقة الخليج العربى إن آجلاً أو عاجلاً، ولن يكون بمقدور الأسر الحاكمة فيها، وهى أسر محدودة العدد والقدرات بطبيعتها، أن تسيطر إلى ما لا نهاية على مقدرات شعوبها، فعشرات الآلاف من مواطنيها يذهبون سنوياً إلى الخارج لتلقى العلم ويعودون للعمل فى بلادهم، محمّلين بأفكار وقيم تختلف تماماً عن الأفكار والقيم السائدة فى مجتمعاتهم.

 ورغم أن هؤلاء يتمكنون بعد عودتهم من الحصول فى العادة على مراكز مرموقة تدر عليهم رواتب ودخولاً تكفل لهم حياة مريحة ورغدة فإنهم لا يشعرون، رغم ذلك، بأنهم يشاركون فى صنع السياسات العامة لبلادهم أو يتمتعون بالحقوق الفردية والجماعية التى يتمتع بها المواطن فى الدول التى تلقوا العلم فيها. ولأنه «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان» فمن الطبيعى أن يأتى يوم تنطلق فيه الحناجر المكبوتة مطالبة بالحرية، خصوصاً بعد أن انطلقت هذه الحناجر بالفعل فى دول أخرى شقيقة. وفى تقديرى أنه ما كان لهذه «الحالة الثورية العامة» أن تنتشر عربياً وبهذه السرعة لولا انتقال شرارتها من تونس، التى أطلقتها إلى القاهرة، التى استوعبتها ومنحتها كل الزخم الذى تحتاجه.

ولأن هذه الحالة تشكل خطراً جسيماً على المصالح الغربية والإسرائيلية فمن الطبيعى أن تتحرك هذه المصالح على الفور لمحاولة احتوائها والعمل على ضمان ألا تفرز أنظمة بديلة معادية لها. وإذا كانت الأصابع والأيدى الغربية والإسرائيلية تبدو ظاهرة جلية فى العديد من الأقطار العربية فإن نشاطها الأكبر يبدو مُركزاً على مصر، لكنه - وعلى عكس ما هو حادث فى الأقطار العربية الأخرى - يدور من وراء ستار. ولقد تحدث كثيرون فى الأيام الأخيرة عن أموال كثيرة تتدفق على بعض الجمعيات المصرية، كان آخرهم الدكتور محمد مرسى، رئيس حزب «الحرية العدالة»، فقد ذكر الدكتور مرسى فى صحيفة «المصرى اليوم» أمس (الثلاثاء) أن «60 مؤسسة مصرية حصلت من الصهاينة والأمريكان على 240 مليون جنيه فى الشهور الخمسة الأخيرة، بما يوازى 4 ملايين جنيه لكل مؤسسة»، قبل أن يستطرد متسائلا: «فماذا يفعلون بهذه الأموال؟!».

 وربما تكون معلومات الدكتور «مرسى» دقيقة فيما يتعلق بحجم الأموال، وربما يكون أيضاً محقاً فى التساؤل الذى يطرحه. لكنه حين يضيف قائلاً: «إن من يطالب بتأجيل الانتخابات هم من الصهاينة وأذناب النظام» أظن أنه يرتكب خطيئة تستوجب الاعتذار على الفور، لأنه يقع فى المطب ذاته الذى ينصبه من يسميهم «الأمريكان والصهاينة» لإثارة وتعميق الانقسامات بين القوى السياسية. فليس كل من يخالف جماعة الإخوان المسلمين فى الرأى، وبالذات حول موضوع الدستور أم الانتخابات أولاً، عميلاً للصهاينة والأمريكان، وهو يعرف ذلك.

ولأننى واحد من كثيرين كانوا ومازالوا يتمسكون بقوة بـ«الدستور أولاً» فلا نملك إلا أن نقول له: «سامحك الله، ونرجو أن تستغفره ليغفر لك، وأظن أنك مدين لكثيرين بالاعتذار لأنك أسأت إليهم إساءة بالغة»، فهل يدرى الدكتور «مرسى» أن الأغلبية الساحقة من القوى السياسية المنخرطة فى الجمعية الوطنية للتغيير أصدرت بياناً تطالب فيه بـ«الدستور أولاً»؟ فهل هؤلاء عملاء للأمريكان والصهاينة؟ اتق الله أيها الرجل.

المصدر جريدة المصرى اليوم


Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق