وائل قنديل
11 يوليو 2011 08:07:46 ص بتوقيت القاهرة
عصام شرف خطر على الثورة
انتظر الناس ردا من المجلس العسكرى، فخرج عليهم عصام شرف ببيان مقتضب ذرا للرماد فى العيون، يصلح محتواه للأسبوع التالى مباشرة لما بعد خلع حسنى مبارك فى 11 فبراير.
وإجمالا يمكن القول بلا أدنى مبالغة إن خطاب عصام شرف لا يلبى الحد الأدنى من مطالب الثورة المصرية فى اللحظة الراهنة، وهو يذكرك بتلك النوعية من الخطابات التى كانت تهدف إلى الامتصاص والاحتواء والطبطبة وتبريد المشاعر الملتهبة بوعود سبق أن سمعها المصريون كثيرا.
وأزعم أن عصام شرف مغلوب على أمره فى هذا الموقف العصيب، ذلك أن رئيس الحكومة يعمل فى مساحة غامضة للغاية، لأن أحدا لا يعلم أين ينتهى دور عصام شرف، ومن أين يبدأ دور المجلس العسكرى، بما أوجد وضعا غريبا ومرتبكا يجعل شرف محملا أحيانا بأشياء لا ناقة له فيها ولا جمل.
وغنى عن القول إن مليونية 8 يوليو خرجت لمخاطبة المجلس الأعلى للقوات المسلحة والمشير طنطاوى بقائمة مطالب جماهيرية محددة، ومن ثم كان من المفترض أن يأتى الرد من المجلس العسكرى، غير أن حالة صمت مريبة تخيم الآن، بما يؤدى إلى تراكم مخزون الغضب وتصاعد سقف المطالب على نحو يخشى منه أن نكون قد دخلنا مرحلة تعطلت فيها لغة الكلام وانسدت قنوات التواصل، ما ينذر بخطورة حقيقية على العلاقة بين طرفى الثورة «الشعب والمجلس العسكرى».
ولقد قيل كلام كثير بشأن التداخل المعقد بين مهمة عصام شرف من ناحية، ودور المجلس العسكرى من ناحية أخرى، وما تسرب عن طلب رئيس الوزراء إجراء تغييرات جذرية فى تشكيلة حكومته بحيث تنقى من مجموعة وزراء حسنى مبارك، ورفض المجلس لهذا الطلب، ما يؤكد أن هناك أزمة حقيقية فى منظومة الحكم الآن.
ومن هنا تصبح النيات الثورية الطيبة لدى عصام شرف خطرا على الثورة، كونه لا يزال فى نظر كثيرين رئيس حكومة جاءت به الثورة، بينما الخطوات والسياسات المنسوبة إليه تبدو فى أحيان كثيرة مناقضة لأهداف ومطالب الثورة.. بما يشى بأن المقصود من وجود الدكتور شرف فى موقعه أن يؤدى وظيفة إسفنجية، بحيث يبقى جدارا عازلا تتكسر عليه صيحات الغضب الشعبى وقذائف الاحتجاج الموجهة من الجماهير.
وفى ظل هذا الوضع المرتبك هناك خياران أمام من يحكمون البلد الآن، فإما أن يصبح الدكتور شرف رئيس حكومة بحق وحقيق، بحيث تطلق يده بشكل كامل فى إدارة الأمور، وإما أن ينقذ عصام شرف نفسه وينقذ الثورة وينسحب من موقعه، ويعود إلى الميدان إن أراد أو يستأنف حياته العملية خارج دوائر الحكم.
فى الخيار الأول يصبح من حق عصام شرف أن يشكل حكومته بنفسه، استجابة للمطالب الشعبية، على أن يعلن خطة عمل واضحة الأهداف، وبمدى زمنى محدد، ويلتزم أمام الجميع بجدول زمنى لتحقيقها، ولكى يحدث ذلك لابد من المكاشفة والشفافية، حتى لا يبقى شرف رئيسا لحكومة نصفها ثورة، ونصفها الآخر ثورة مضادة.
غير أن أخطر ما فى الأمر أنهم لا يعون جيدا حجم هذه الموجة الثورية الثانية، ولا يدركون إلى أى مدى يمكنها أن تصل.. إن إغماض الأعين عن الأشياء لا يعنى أنها غير موجودة.. انظروا إلى الميدان واستوعبوا الدرس.
11 يوليو 2011 08:07:46 ص بتوقيت القاهرة
عصام شرف خطر على الثورة
انتظر الناس ردا من المجلس العسكرى، فخرج عليهم عصام شرف ببيان مقتضب ذرا للرماد فى العيون، يصلح محتواه للأسبوع التالى مباشرة لما بعد خلع حسنى مبارك فى 11 فبراير.
وإجمالا يمكن القول بلا أدنى مبالغة إن خطاب عصام شرف لا يلبى الحد الأدنى من مطالب الثورة المصرية فى اللحظة الراهنة، وهو يذكرك بتلك النوعية من الخطابات التى كانت تهدف إلى الامتصاص والاحتواء والطبطبة وتبريد المشاعر الملتهبة بوعود سبق أن سمعها المصريون كثيرا.
وأزعم أن عصام شرف مغلوب على أمره فى هذا الموقف العصيب، ذلك أن رئيس الحكومة يعمل فى مساحة غامضة للغاية، لأن أحدا لا يعلم أين ينتهى دور عصام شرف، ومن أين يبدأ دور المجلس العسكرى، بما أوجد وضعا غريبا ومرتبكا يجعل شرف محملا أحيانا بأشياء لا ناقة له فيها ولا جمل.
وغنى عن القول إن مليونية 8 يوليو خرجت لمخاطبة المجلس الأعلى للقوات المسلحة والمشير طنطاوى بقائمة مطالب جماهيرية محددة، ومن ثم كان من المفترض أن يأتى الرد من المجلس العسكرى، غير أن حالة صمت مريبة تخيم الآن، بما يؤدى إلى تراكم مخزون الغضب وتصاعد سقف المطالب على نحو يخشى منه أن نكون قد دخلنا مرحلة تعطلت فيها لغة الكلام وانسدت قنوات التواصل، ما ينذر بخطورة حقيقية على العلاقة بين طرفى الثورة «الشعب والمجلس العسكرى».
ولقد قيل كلام كثير بشأن التداخل المعقد بين مهمة عصام شرف من ناحية، ودور المجلس العسكرى من ناحية أخرى، وما تسرب عن طلب رئيس الوزراء إجراء تغييرات جذرية فى تشكيلة حكومته بحيث تنقى من مجموعة وزراء حسنى مبارك، ورفض المجلس لهذا الطلب، ما يؤكد أن هناك أزمة حقيقية فى منظومة الحكم الآن.
ومن هنا تصبح النيات الثورية الطيبة لدى عصام شرف خطرا على الثورة، كونه لا يزال فى نظر كثيرين رئيس حكومة جاءت به الثورة، بينما الخطوات والسياسات المنسوبة إليه تبدو فى أحيان كثيرة مناقضة لأهداف ومطالب الثورة.. بما يشى بأن المقصود من وجود الدكتور شرف فى موقعه أن يؤدى وظيفة إسفنجية، بحيث يبقى جدارا عازلا تتكسر عليه صيحات الغضب الشعبى وقذائف الاحتجاج الموجهة من الجماهير.
وفى ظل هذا الوضع المرتبك هناك خياران أمام من يحكمون البلد الآن، فإما أن يصبح الدكتور شرف رئيس حكومة بحق وحقيق، بحيث تطلق يده بشكل كامل فى إدارة الأمور، وإما أن ينقذ عصام شرف نفسه وينقذ الثورة وينسحب من موقعه، ويعود إلى الميدان إن أراد أو يستأنف حياته العملية خارج دوائر الحكم.
فى الخيار الأول يصبح من حق عصام شرف أن يشكل حكومته بنفسه، استجابة للمطالب الشعبية، على أن يعلن خطة عمل واضحة الأهداف، وبمدى زمنى محدد، ويلتزم أمام الجميع بجدول زمنى لتحقيقها، ولكى يحدث ذلك لابد من المكاشفة والشفافية، حتى لا يبقى شرف رئيسا لحكومة نصفها ثورة، ونصفها الآخر ثورة مضادة.
غير أن أخطر ما فى الأمر أنهم لا يعون جيدا حجم هذه الموجة الثورية الثانية، ولا يدركون إلى أى مدى يمكنها أن تصل.. إن إغماض الأعين عن الأشياء لا يعنى أنها غير موجودة.. انظروا إلى الميدان واستوعبوا الدرس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق