نوارة نجم .. التعليل الوذايى


نوارة نجم
التعليل الوذايى
Thursday, July 21, 2011 at 10:11am

رحم الله الممثلة الكومبارس التى كانت تظهر فى الأفلام المصرية القديمة بوجه صبوح وقامة قصيرة، تضحكنى ولا أعرف اسمها. كانت دائما ما تؤدى دور المرأة ذات السمع الثقيل التى تجيب عن أسئلة لم تطرح، وجمل لم تنطق:
إنت إيه اللى رجعك؟
- إيه؟ الجزمة بتوجعك؟
فين الماسورة الأم؟
- بتدور على الكم؟
تذكرتها حين علمت بخبر التعديل الوزارى.. يا سبحان الله، أنا مقيمة فى التحرير منذ يوم 8 يوليو، وحتى اللحظات التى أكتب فيها هذه السطور، ومع ذلك، لم أسمع أيا من المعتصمين ذكر أو فكر أو طالب بتعديل وزارى، كما لم أسمع أحدا تحدث فى العركة المفتعلة التى أجهدتنا ثم تجاوزناها «الدستور أولا، الانتخابات أولا»، وعلى الرغم من ذلك، فإن اللواء الفنجرى حين «شخط» فينا كان يحدثنا عن القفز على السلطة، وأنه لا نية لتأجيل لانتخابات، كما أن اللواء الروينى يصر فى كل حوار تليفزيونى أن يفتح قضية الدستور أم الانتخابات غير المطروحة -هذا بخلاف سباب الفلسطينيين، ووصم شاعر العرب والزمان تميم البرغوثى، بأنه لهجته غريبة، واسمه غريب، وشكله غريب- والدكتور عصام شرف قام بتعديل وزارى لم يغير فيه وزير الداخلية بما يضمن إعادة هيكلة الجهاز، وجميع من بيده الحل والعقد نسأله عن الماسورة الأم، فيسرع لإحضار الكم، بل إن بعض القوى السياسية تفكر فى الانسحاب من الاعتصام بعد التعديل الوزارى «يا لهوى» احنا جبنا سيرة تعديل وزارى؟
آه.. آه.. آه.. شوف يا أخى، إذا عرف السبب بطل العجب، والظلم حرام، فقد قال أهالى الشهداء: خد حق القتيل، إلا أن المجلس العسكرى والدكتور عصام شرف قد سمعاها: اعمل لنا تعديل.
لالالالا... خد... حق... القتييييييللللل... القتيييييييلللل.. القتيل.
دم الشهيد، وآمل أن لا تسمع.. بنطلون جديد، ونفاجأ بناقلات تحمل سراويل جديدة للمعتصمين.
نحن نريد حق القتيل.. نحن لا نريد لأبى الشهيد أن يمر كل يوم من أمام قسم إمبابة، وهو يعلم أن قاتل ابنه يزاول عمله بالداخل، ويذهب فى آخر اليوم لينام فى أحضان أبنائه، بعد أن أثكل أكثر من 12 أما وأبا. وحين أقول لا أريد لوالد الشهيد أن يمر من أمام القسم الذى يعمل فيه قاتل ابنه، فأنا لا أعنى أن يتم نقل القاتل إلى قسم آخر! والنبى أبوس إيديكم.. نركز شوية: كل من شارك فى قتل المتظاهرين، سواء بإصدار الأمر أو تنفيذه يجب أن يتم التحفظ عليه، وفصله من عمله، والإسراع بمحاكمته، ولتذهب عجلة الإنتاج إلى العجلاتى، ولا نأبه لسماع الكول تون الجديدة.. منكم لله خربتوا البلد، ولن نخاف من البلطجية الذين ترسلهم وزارة الداخلية لاعتصاماتنا فى القاهرة وبورسعيد والإسكندرية لترويعنا، ولا نهتم بالمرة بالتعديل الوزارى.
نحن نريد أن نرى القتلة وراء القضبان، ونريد أن نتخلص من قوات الاحتلال التى لم تجد غضاضة فى أن تقطف ورود مصر، ونريد أن تصل المعلومة واضحة بأن هذا الشعب قام بثورة، وأن هذا البلد به رجال.. لا طراطير، وأن أبناء البلد هم أسيادها، وأن «اللى يمد إيده على سيده تتقطع إيده»، ولا نريد بعد كل هذه التضحيات أن يستمر الخونة عملاء السى آى إيه والموساد -ألا وهم أمن الدولة المسمى بالأمن الوطنى- فى العمل ضد مصالح البلاد، أو أن يستمر مجندو جيشنا المصرى فى أداء خدمتهم بضرب المتظاهرين.. نحن نريد بلادنا، وإن كان استعادة استقلال مصر وحريتها وكرامتها وعزتها ومكانتها يعده حزب الكنبة خرابا للبلد، فأنا أول المخربين، ولن أترك دم الشاب الذى أسلم الروح ورأسه بجوار ركبتى يذهب هباء.
أنا أم شهيد.. نعم.. حين تخرج روح الشهيد بجوارك، وأنت تضع يدك على صدره، فإن وشيجة إنسانية تصل إلى حد قرابة الدم تنبت بينك وبينه، ويحترق كبدك عليه تماما كأمه، لذلك، فأنا أعد نفسى أمًّا لذلك الشاب الذى لا أعلم اسمه، ولن يهدأ لى بال حتى يقتص من قتلته.
والله الموفق... والمستعان.


هذا المحتوى من





Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق