لا تخلو إحدى المواصلات العامة التي تمر علي ميدان التحرير من أن يبدي أغلب ركابها آرائهم السياسية ورأيهم في التغيير الذين يشعرون أنه حدث بعد الثورة، وعن طموحاتهم في التغيير التي لم تتحقق بعد.
وقبل ساعات من الجمعة 8 يوليو، حيث يترقب الجميع مظاهرة مليونية حاشدة ثم اعتصام من أجل استكمال مطالب الثورة، تزداد التعليقات عند المرور على الشباب الذين يتولون التحضير للاعتصام.
لا يزال يمكنك أن تستمع في أوتوبيس لجملة:«حسني مبارك ومن حوله كانوا يسرقون وكان الفساد كثير، لكن الحال كان ماشي ومش واقف زي دلوقتي» في الوقت الذي تسمع فيه تعليقات التأييد لجهد الشباب لأنه لا مفر من التغيير وأن تتحقق مطالب الثورة لأجل الذين دفعوا دمائهم ثمنا لهذا.
حدة النقاش بين الفريقين هدأت قليلا لصالح «الثوريين» بعد قرار محكمة جنايات القاهرة ببراءة الوزراء السابقين أنس الفقي ويوسف بطرس غالي وأحمد المغربي من اتهامات الفساد المالي، يتصاعد غضب شعبي يسخر من المحاكمات ويدعم رأي المطالبين بالاعتصام.
«خلاص ربنا يستر علي البلد يوم الجمعة" تعلق امرأة مسنة:«لأنها هتولع تاني، بعد ما الحرامية أخدوا براءة».
يرد آخر: «ده معناه إن كلهم هياخدوا براءة، مبارك وكل الوزراء بعد ما أخدوا مليارات البلد هياخدوا براءة، وأحنا لو سرقنا رغيف عيش نأكله هيبهدلونا، الأرقام اللي بيتقال إنهم سرقوها دي إحنا عمرنا ما تخيلنا المبالغ دي تطلع أد أيه؟».
تبدي امرأة أخري توجسها قائلة «هو كده العادلي ممكن يطلع براءة كمان بعد ما قتل ولادنا في الشارع؟».
كفاية؟
«كفاية بقى» تلخص رأي عبد الرحمن، المحاسب بإحدى الشركات الخاصة:«الناس كانت أقصي حاجة بتطالب بيها هي إسقاط النظام السابق وخلع رئيسه، وقد تم لنا هذا، ايه بقي اللي يخلينا في وقف الحال والقلق ده؟ من يوم التنحي وأحنا مش عارفين نرفع رأسنا من كثرة الاعتصامات والمظاهرات، وكل جمعة فيه مليونية أحيانا لسبب منطقي وأحيانا بلا سبب، خلينا نحل باقي مشاكلنا بهدوء وبعقل من غير مظاهرات واعتصامات، خلينا نعترف إن مشاكلنا أعمق من إنها تتحل بين يوم وليلة».
«الوضع ملخبط» هكذا تراه سامية محمد، 23 عاما، التي تعمل صيدلانية وليس لها انتماء سياسي محدد ولكنها شاركت في مظاهرات يناير في الإسكندرية.
تقول سامية «اللي أعرفه إن الثورة حاليا بتمر بحالة انتكاسة، واللي شايفه دلوقتي إننا بنمر بحالة من التشتت. مفيش معلومات كاملة عشان نبني عليها أي وجهة نظر، نكوّن رأينا بناء علي أيه؟ وبعدين فيه أسئلة ومطالب واضحة جدا لم يتم الاستجابة لها ولا الرد عليها حتى الآن، ليه مثلا أموالنا المنهوبة ومتهربة بره لم يتم استرجاعها إلي الآن؟ وايه معني أحكام البراءة اللي أخدها رموز النظام السابق دي؟ محدش فاهم حاجه».
تري سامية أن المشاركة تحتاج لتحكيم العقل والحساب بهدوء «لما نزلنا في ثورة يناير كنّا قدامنا عدو بنحاربه، الفكرة إننا دلوقتي معندناش عدو واضح»، وتري أيضا أنه من المبكر وصف مظاهرات 8 يوليو بأنها ستكون ثورة ثانية «محدش عارف أيه هيحصل.. والعدد وحده هو اللي هيحدد.»
ولكن هناك من يعرف بالتحديد ماذا سيفعل، مني شوقي، 21 عاما التي تخرجت من كلية التربية النوعية جامعة المنصورة حسمت أمرها لصالح المشاركة قائلة «أنا شايفة إن مفيش حاجة اتغيرت غير في شباب الثورة والشعب اللى نزل، يعنى التغيير حصل جوانا.. احنا انكسر جوانا الخوف، لكن النظام ما زال سلبى وما زال يعتقد أننا يمكن أن نُعامل بالقمع والقهر».
نشطت مني مع حركة شباب 6 أبريل منذ تأسيسها كما شاركت في فاعليات الجمعية الوطنية للتغيير. كانت تحلم بحياة أفضل شعرت أنها «ممكنة» بقيام ثورة يناير، فشاركت فيها ولا تزال علي قدر استطاعتها.
الثورة مستمرة
تري مني أن يوم الجمعة 8 يوليو وما سبقه من أيام هو استكمال طبيعي لمسار الثورة، وأن المطلب الأول الذي لا يحتمل التأجيل هو سرعة محاكمة رموز النظام السابق، وتطهير الداخلية وجهاز أمن الدولة الذي أصبح جهاز الأمن الوطني حاليا، تؤكد: «تطهير حقيقي مش مجرد نقل وترقيات وتغيير أسماء».
ترد مني علي معارضي النزول يوم 8 يوليو قائلة «ناس كتير خايفة من القلق والفوضي، بس في النهاية أحنا عملنا ثورة ودي مطالبها اللي لازم تتحقق، أنا أتمني إن يوم الجمعة يبقي يوم حاشد، واللي هيحدد إذا كان هيبقي فيه اعتصام بعد اليوم ولا لأ هو الممارسات اللي هتتبع خلال اليوم من السلطة والأمن.»
الجدل الدائر في الشارع والحيرة بين الأمل واليأس التي سيطرت علي كثيرين ربما تبدو أقل علي مواقع الشبكات الاجتماعية الالكترونية «فيس بوك وتويتر»، فالصوت الأقوى هاهنا كان لصالح المشاركة..ففي أخر استطلاع رأي طرحته صفحة «كلنا خالد سعيد» ، ولخصته بسؤال «هتنزل معانا يوم 8 يوليو؟» أجاب عليه نحو 27 ألف عضوا، منهم نحو 15 ألف عضوا حسموا أمرهم تجاه المشاركة بشكل قاطع، ونحو 7 آلاف ضد فكرة التظاهر بشكل قاطع، ونحو 5 آلاف عضو سيمتنعون عن المشاركة لأسباب شخصية أو ظروف طارئة.
المصدر جريدة المصرى اليوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق