عمر طاهر .. ماحدش كبير على الأدب

عمر طاهر
ماحدش كبير على الأدب
Sunday, July 17, 2011 at 9:54am

المقهى أصلا متر في متر، لكن بحكم موقعه الاستراتيجي في وسط البلد يديره عم أحمد، كأنه مملكته الخاصة.
أخرج الموبايل عدة مرات من جيبه ينظر إلى شاشته، ثم يعيده إلى جيبه، عم أحمد إذن يريد أن يسمعها مني (مبروك يا عم أحمد على الموبايل) رد بعنف (مبروك على إيه؟).

وقفت المجذوبة أمام باب المقهى وابتسمت لنا ابتسامة مخيفة، ثم انتقلت إلى الرصيف المقابل وأخرجت من البؤجة بطانية افترشت نصفها وتدثرت بالنصف الثاني، وقالت بصوت متعال (هاتلي شاي)، أخرج زبون جنيها ووضعه على الصينية الموجودة أمامه، وقال لعم أحمد (هاتلها شاي على حسابي) لكن عم أحمد تجاهلهما.

دخل علينا رجل له هيبة لواءات المعاش، ومعه زوجته الأرستقراطية، تغيرت ملامح عم أحمد، ألقى الرجل السلام ودخلت زوجته في الموضوع مباشرة (إحنا آسفين يا عم أحمد على اللي حصل واللهي البيه مانامش من إمبارح بسبب الموضوع ده). اكتست ملامح عم أحمد بالخجل، وقال (وماينامش ليه بس؟ ماحصلش حاجة)، أخرجت الزوجة ورقة بخمسين جنيها من حقيبتها وقدمتها لعم أحمد (طيب عشان خاطري خد دول، ده تعويض بسيط عن اللي حصل) قابلها عم أحمد بالصمت (والنبي وحياة أولادي ماتكسفنيش) قالت الزوجة، مد عم أحمد يده وأخذها (عشان بس حلفتيني أنا هاخدها بس هاحطها في أقرب جامع.. أنا ماباقبلش العوض)، انكسرت نظرة الرجل ذي الهيبة وألقى السلام منصرفا بعد أن ألقى نظرة أخيرة في وجه عم أحمد (يعني مسامح؟) قال له عم أحمد (جيتكم لحد هنا تنسي الواحد كل اللي ضايقوه)، ابتسمت الزوجة وسحبت زوجها وانصرفا.

رن موبايل عم أحمد فأخرجه قائلا (مش ممكن الصداع ده)، ثم رد (أيوه حضرتك أنا في القهوة وفي انتظارك.. تشرفي يا بنتي)، لمح عم أحمد الفضول يطل من وجهي (أصل الموبايل ده أنا لقيته في سيدنا الحسين إمبارح والست صاحبته كل شوية تتصل تطمن إنه لسه معايا.. بتقول إنها كانت بتزور أبوها العيان لسيدنا الحسين).

سألت عم أحمد عن الرجل الوقور وزوجته فقال لي (واحد من الورشة اللي جنبنا خد شاي، رجع الصينية والكوبايات وبدل ما يدخلهم جوه سابهم على عربية راكنة قدام القهوة، قبل ما أخدها لقيت الراجل ده بيفتح باب العربية وبيرمي الصينية والكوبايات في الأرض وكسرهم ميت حتة، الناس الموجودين زي حضرتك هاجوا عليه ولسه هيكلموه قلت لهم ماحصلش حاجة العيب على الحيوان اللي ساب الصينية على العربية ومااحترمش صاحبها، الراجل اتكسف، وقال لي الكوبايات دي تمنها كام؟ قلت له لما زبون عندنا بيكسر كوباية مابناخدش منه تمنها.. عيب..)، لاقت الحكاية استحسان الحاضرين، فعطف علينا عم أحمد بالدرس المستفاد منها (مش هو راجل أقوى مني وممكن ياكلني؟ بس أهو جالي لحد عندي عشان ماحدش كبير على الأدب).

قطع كلام عم أحمد وصول صاحبة الموبايل التي عرضت على عم أحمد ورقة بعشرة جنيهات وأصرت على أن يأخذها (يا ستي أنا لو عايز فلوس ماكنتش رجعت لك الموبايل أصلا).

انصرفت السيدة ولمحنا في سيارتها رجلا عجوزا وبينما السيارة تبتعد أطل المقعد المتحرك من حقيبتها، اختفت السيارة فأصبحت المجذوبة في مواجهتنا، أطلت من تحت البطانية وصرخت (فين الشاي؟)، نظر لها عم أحمد شذرا وصرخ هو أيضا (حاضر)، أعد الشاي وقبل أن يخرج به من المقهي باتجاهها مد يده بخفة والتقط الجنيه من فوق الصينية ووضعه في جيبه

هذا المحتوى من

 

Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق