حسن نافعة .. مهام الحكومة الجديدة


مهام الحكومة الجديدة
حسن نافعة
Wed, 20/07/2011 - 08:05

لم تكن الحكومة الجديدة بقيادة الدكتور عصام شرف قد اكتمل تشكيلها بعد حتى كتابة هذه السطور. فقد ظهرت مشكلات فى اللحظة الأخيرة تتعلق ببعض الأسماء التى أعلن عن قبولها للترشيح لمواقع وزارية، وألمت بالدكتور شرف وعكة صحية، بسبب شدة الإرهاق والضغوط النفسية، نرجو أن يكون قد تمكن من تجاوزهما معا. ورغم أننى لست متحمسا للتشكيل الذى أعلن عنه ولا للطريقة التى تم بها، مما يثير لدى شكوكا كبيرة حول قدرتها على قيادة مصر إلى بر الأمان فى هذه المرحلة الصعبة والحساسة، فإننى أطالب بإعطائها فرصة كافية، بل تقديم كل ما تحتاجه من مساعدة لتمكينها من إنجاز المهام الثقيلة الملقاة على عاتقها، شريطة أن تكون المهام المكلفة بها واضحة ومتفقاً عليها. ولكى تتمكن الحكومة الجديدة من عبور تلك المرحلة، عليها أن تسعى بجدية لإنجاز ثلاث مهام رئيسية، الأولى: ذات طبيعة قانونية - قضائية تتعلق بمحاكمة الرئيس المخلوع ورموز نظامه القديم. والثانية: ذات طبيعة اجتماعية - اقتصادية تتعلق بوضع حد أدنى للأجور. والثالثة: ذات طبيعة سياسية - تشريعية، وتتعلق بوضع برنامج زمنى للانتخابات التى يفترض أن تجرى خلال ما تبقى من المرحلة الانتقالية.

إنجاز المهمة الأولى بنجاح يتطلب حصول الحكومة على ضوء أخضر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ولأنها لم تحصل بعد على هذا الضوء، بل ليس لديها ما يضمن حصولها عليه بسهولة، فسوف تتوقف قدرة الحكومة على إنجاز تلك المهمة الحيوية على مدى تعاون المجلس الأعلى للقوات المسلحة معها. ويعلق الرأى العام فى مصر اهتماما كبيرا جدا على هذه المسألة ويعتبرها المسألة المفتاح والتى تتوقف عليها، فى تقديرى، إمكانية نجاح الجهود الرامية إلى جسر فجوة الثقة القائمة حاليا بين الشعب والمجلس الأعلى وتجاوز صعوبات المرحلة الراهنة برمتها.

إنجاز المهمة الثانية يبدو أسهل نسبيا من الناحية السياسية، لكنه ليس على نفس القدر من السهولة من الناحية الفنية البحتة، لأنه يتطلب موارد قد لا تكون متاحة. وفى تقديرى أن الشعب المصرى على استعداد تام لتفهم الصعوبات التى تواجه الحكومة على هذا الصعيد والتقليل من حجم توقعاته، شريطة أن تصارحه الحكومة بحقيقة الموقف الاقتصادى وإظهار القدر الكافى من الجدية لوضع حد أعلى معقول للأجور فى الوقت نفسه. فمن الصعب جدا على شعب فى بلد فقير أن يقبل بحد أدنى للأجور لا يلبى الحدود الدنيا للحفاظ على الكرامة الإنسانية للبشر، فى وقت تبدو فيه خزينة الدولة مفتوحة على مصراعيها لتغرف منها النخبة الحاكمة بلا رقيب أو حسيب. لذا يكفى أن تقوم الحكومة بتحديد حد أدنى للأجور بعد وضع حد أعلى لها وبعد إلغاء الصناديق الخاصة التى شكلت نبعا للفساد لا ينضب.

تبقى بعد ذلك المهمة التى تبدو الأصعب من الناحية السياسية، خصوصا فى ظل الجدل الذى لايزال محتدما حول قضية «الدستور أم الانتخابات أولاً». غير أننى أعتقد أن حلها يبدو يسيرا إذا تمكنت الحكومة من إقناع القوى السياسية بضرورة توافقها على ثلاثة أمور أساسية. أولها: أن إجراء الانتخابات هو الوسيلة الوحيدة لإفراز ممثلى الشعب الحقيقيين، ومن ثم يجب الإسراع بها للانتقال إلى سلطة مدنية.

وثانيها: أن صياغة الدستور الدائم يمكن أن تؤجل مؤقتا إلى ما بعد نقل السلطة إلى مؤسسات مدنية منتخبة والاكتفاء فى هذه المرحلة بإعلان دستورى جديد يحل الإشكاليات المتبقية. وثالثها: لكى تجرى الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة فى ظروف طبيعية، تحول دون احتمال تعرضها للإلغاء بعد الانتهاء من صياغة الدستور، يجب الاتفاق على أحكام أساسية للدستور تتضمن: شكل النظام السياسى وهل هو برلمانى أم رئاسى أم مختلط، وشكل السلطة التشريعية وهل تتكون من غرفة واحدة أم غرفتين، وجدوى وجود نسبة من المقاعد للعمال والفلاحين، وضمانات استقلال السلطة القضائية.

ولأننى لا أستطيع أن أفهم لماذا يتعين فى أول انتخابات برلمانية تجرى بعد الثورة أن تتضمن مجلسا للشورى أو تخصيص 50% من المقاعد للعمال والفلاحين، فإننى أقترح أن تتوافق كل القوى السياسية على إلغائهما معا، وعلى أن يكون النظام السياسى المصرى نظاما مختلطا يجمع بين سمات النظامين الرئاسى والبرلمانى. مهمة الحكومة ليست سهلة، لكنها ليست مستحيلة إن خلصت النوايا.


هذا المحتوى من





Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق