إبراهيم عيسى .. أبناء وإخوة.. ومجلس


إبراهيم عيسى
أبناء وإخوة.. ومجلس
Sunday, July 24, 2011 at 9:59am

أليس غريبا أن المظاهرات أو الوقفات التى تعلن بوضوح تأييدها (ولعلها أعلنت مبايعتها كذلك) للمجلس العسكرى، إنما تنتمى إلى قوى لم تشارك فى ثورة يناير بل ومن خصوم لهذه الثورة لا تجد أى مشكلة فى إعلان عدائها للثورة؟ كيف إذن يؤيد أعداء هذه الثورة وأنصار ومؤيدو ورافعو صور الرئيس السابق، مجلسا عسكريا من المفترض أنه ينفذ مطالب هذه الثورة التى يعادونها؟!
أليس أمرا يستحق الاستغراب ثم يستحق الاستفسار؟!
مبدئيا لا بد من تأكيد حق أى مواطن فى تنظيم وقفات ومظاهرات يقول فيها ما يريد ويعلن خلالها ما يشاء، وليست هذه منحة لأحد ولا منة من أحد، بل حق لا تشكيك فيه، يتساوى فى ذلك من يؤيد الثورة ومن يرفضها، من يطالب بمحاكمة الرئيس السابق ومن يريد أن يمنحه وساما!
لكن أخشى أن يكون عدد أو بعض من المجلس العسكرى سعيدا بمظاهر التأييد، لكن عليه أن يراجع نفسه بسرعة، فالجماعة الإسلامية التى هتفت للمجلس العسكرى وهاجمت ثورة التحرير ذات ماض وتاريخ لا يسمح لها الآن بالادعاء أنها من أنصار ودعاة الحرية والديمقراطية، ومع احترامى الواجب للجميع فإنها آخر من يتحدث عن المشاركة فى الثورة، بل تظل تطارد قياداتها اتهامات بالتحالف أو التواطؤ أو التورط مع جهاز أمن الدولة فى صفقة الخروج من المعتقلات، مقابل موالاة نظام مبارك والدفاع عنه، فهى التى كفّرت الخروج على الحاكم، وهى التى حذرت من المظاهرات وساندت نظام القهر والاستبداد فى السنوات الأخيرة!
أما السلفيون فلا أظن أنه يغيب عن المجلس وأعضائه أن فريقا منهم مشعلو فتن ومحاصرو كنائس ومكفرو مخالفيهم، وطبعا هناك فريق سلفى آخر أكثر رحابة وتعقلا وتسامحا، لكن الواضح أن العنف الطائفى هذه الأيام كان شريكا فيه بالدعوة أو الدعاية أو الرعاية جانب من السلفيين من إخوة كاميليا ووفاء وغيرهم، فضلا عن أنهم لا يتورعون بمنتهى الشجاعة التى نحترمهم عليها قطعا عن أن يعلنوا رغبتهم وسعيهم لدولة إسلامية، وأظن أنه هدف ليس فى قائمة أهداف المجلس العسكرى!
أما أبناء مبارك ومحبوه الذين يرفعون لافتات التأييد للمجلس العسكرى، فلا شىء يجعلنا نصدق أنهم ينتصرون للمجلس العسكرى حبا فى الاستقرار، فقد كانوا يفضلون استقرار مبارك ورضوا به وطلبوه وافتقدوه، لكن الأغلب أنهم يؤيدون المجلس نكاية فى الثورة والثوار ورغبة فى أن ينزل المجلس العقاب بهؤلاء الذين تجرؤوا وأسقطوا اللات والعُزّى، أو شعورا منهم أن المجلس لا يستجيب لهذه الثورة مثلا مما يستحق امتداحا وتأييدا!
مشكلة عميقة، وتنبئ بما هو أعمق لو كان المجلس العسكرى قد صدق أن له أنصارا، فالذى يجب أن يخشاه المجلس فعلا هو هذه النوعية من الأنصار!
المجلس العسكرى محل إجماع وطنى على أهمية استمراره لقيادة المرحلة الانتقالية وحتى تسليم البلد لسلطة مدنية منتخبة، لكنه تحت هذا الإجماع ملتزم بتنفيذ مطالب الثورة وهو يدير شؤون البلاد لهذا الهدف وحده، فليس له أن يحيد لينفذ مثلا مطالب أعداء الثورة وخصومها، وإلا فإن التزامه الواضح الوحيد يعتريه عوار، ثم إن المجلس العسكرى يجب (أقول يجب دون ذرة من تردد) أن يقف من كل التيارات السياسية والوطنية على مسافة واحدة ومحايدة، لكنه بالتأكيد لا يمكن أن يفعل ما فعله من إعلان عداء واتهام لجماعة «6 أبريل» بلا دليل يقدمه للناس ولا أدلة يقدمها للرأى العام، كأننا أمام نفس الاتهام الذى ردده حسنى مبارك وعمر سليمان لنفس الجماعة التى دعت إلى الإضراب الأهم فى تاريخنا فى 2008 وشاركت بكل قوة فى دعوة وتنظيم مظاهرات 25 يناير التى فجرت الثورة، فكأننا أمام مجلس ينفذ مطالب الثورة فاتهم أول ما اتهم فصيلا من هذه الثورة وأعلن معاداته له ليستنفر كل القوى الوطنية (ما عدا طبعا الإخوان والسلفيين) ضد اتهاماته.
ثم أخيرا فإن هذا الحشد الهزيل فى المظاهرت التى تضم مؤيدى المجلس قد يستفز البعض، فيحاول أن يتطوع ويضاعفه ويزيده حتى لا يبدو أن مؤيدى المجلس دائما بضع عشرات، وهو ما يقود -إن جرى- إلى فتنة، خصوصا أن البلطجية يظهرون ويعتدون على المتظاهرين فى الأماكن التى -للغرابة- لا يتجمع فيها أبناء مبارك وإخوة كاميليا من مؤيدى المجلس العسكرى!


هذا المحتوى من





Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق