زلزال اليابان و ثورة مصر

 


مرت اليابان على مر تاريخها بالكثير من الكوارث القادرة على تدمير أعظم الدول و أكثرها قوة و صلابة و لكن اليابان دائما ما كانت تفاجئنا فى كل مرة بأنها تعود أقوى من سابقتها
بعد الهجوم النووي الأمريكي الكاسح على اليابان, بدأ القادة و الجنود اليابانيون في إعادة تقييم مواقفهم من عقيدة القتال حتى الموت في سبيل الإمبراطور. فبدا الأمر وكأن القنبلة النووية الأمريكية قد منحت اليابانيين فرصة الاستسلام و النجاة بأرواحهم بل أن بعض كتاب التاريخ ذهب إلى القول بأن "القنبلة النووية" قد لعبت دوراً حربياً و دوراً سياسياً إضافة إلى دورها في صنع السلام في أسيا و العالم و يذكر العالم كله قول أمبراطور اليابان لقد هزمتنا الولايات المتحدة فى المدرسة و إيقافهم التعليم لسنتين حتى يعيدوا هيكلة نظم التعليم بالكامل لتعود اليابان فى الستينيات لتصبح القوة الأقتصادية و الصناعية الثانية فى العالم
و تعرضت اليابان لكثير من الكوارث الطبيعية على سبيل المثال زلزال كوبى سنة 1995 و الذى قدرت خسائره المادية وقتها ب 100 مليار دولار هذا غير 6400 قتيل و 300 ألف مشرد
وكانت خسائر زلزال نيجاتا في اليابان عام 2004 قد قدرت بنحو 30 مليار دولار، وتراجع إجمالي الناتج القومي بعدها بنسبة 0.4 % لكنه عاد وارتفع نسبة 1% بعد ستة أشهر
و منذ أيام قليلة تعرضت اليابان لزلزال سمى بتسونامى اليابان وقد بلغت قوة الزلزال 8.9 درجة بمقياس ريختر، وادى إلى موجات تسونامي وصل ارتفاعها إلى عشرة أمتار.وأغلقت بسبب ذلك الموانئ ومفاعلات الطاقة ومعامل التكرير و تقدر الخسائر الأولية لشركات التأمين فقط 30 مليار دولار بالإضافة إلى توقف الإنتاج في عدد من مصانع الشركات اليابانية الكبرى التي بدأت في حصر الخسائرالتي منيت بها نتيجة الزلزال المدمر وموجات تسونامي الذى تبعته وبين الشركات التي أغلقت مصانعها سوني وتويوتا وهوندا
و رغم كل هذا فشعب اليابان لن يتركوا موطنهم و يبحثون عن وطنا آخر لا توجد به زلازل و لا سيستمرون فى البكاء على ما دمره الزلزال و لن تجدهم يتباهون بشجاعة فلان الذى أنقذ فلان من الموت وواثق كل الثقة أن مطربى اليابان لن تجد منهم من يحاول اللعب بعواطف الشعب بأغانى لضحايا الزلزال و لن تجد برامجهم التليفزيونية تستضيف لاعبى كرة القدم و لا الفنانيين اليابانيين لتستفتيهم كيف تخرج اليابان من هذه الأزمة
هذه يا سادة هى خسائر اليابان فى بلد لا يوجد بها وزراء مرتشون باعوا وطنهم لرئيس خان الأمانة فى شعبه و لم يبيعوا أرض اليابان لبعضهم البعض و لا جهاز شرطة وظيفته الوحيدة هى حماية رأس النظام الفاسد بل إن أمبراطور اليابان الذى كان يعتبر مقدسا قبل الحرب العالمية الثانية تخلى عن كل سلطاته و لم يبقى منه غير أسم شرفى يرمز لوحدة اليابان و يتواجد فقط فى المراسم بدون أى سلطة رسمية
تخيلوا يا سادة أن ما أصاب مصر فى يوم الخامس و العشرون من يناير ليست ثورة و أنما زلزال تخيلوا كم الخسائر التى كانت ستخسرها مصر و من المفارقات أن خسائر ثورة 25 يناير و خسائر زلزال سنة 1992 البشرية متقاربة لحد التطابق فزلزال سنة 1992 أدى إلى وفاة أكثر من 500 شخص و جرح نحو 6500 و هو ما يقارب نفس عدد ضحايا ثورة الخامس و العشرون من يناير و نتيجة للزلزال أصيبت الحياة فى مصر بما يشبه الشلل التام
الزلزال فى سنة 1992 هدم كل المبانى التى بنيت بالغش فى أدوات البناء و ثورة الخامس و العشرون هدمت الفساد السياسى و الأقتصادى الذى أنتشر كالسرطان فى البلاد
لو أن ما أصاب مصر زلزال لا قدر الله فى حجم زلزال اليابان فأن الحياة فى مصر لم تكن لتتوقف لشهور بل كانت ستتوقف لسنوات و لا أبالغ بأننا كنا سنتعرض لمجاعات هذا غير أعداد القتلى و التى كانت ستتخطى الالآف فى ظل نظام فاشل غير قادر على أدارة الأزمات و فى ظل أدارة دفاع مدنى لا تعلم من الدفاع المدنى غير تأمين رئيس الجمهورية السابق فى مواكبه و فى ظل وزراء كان شغلهم الشاغل التنافس على نهب ثروات البلاد
يا سادة فلتحمدوا الله على أن ما حدث فى مصر كان ثورة و ليس زلزال فمصر ستتعافى بأمر الله من التأثيرات السلبية للثورة فى خلال شهور بسيطة أما لو كان زلزال فكان الأمل فى أولادنا أن يتخلصوا من الأثار السلبية له
كلمة أخيرة فى أذن من يحاولون شق صف الثوار الدور قادم عليكم ليقتلعكم زلزال الثورة من جذوركم فلا تتمادوا حتى لا نتمادى فى حسابكم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق