أيمن الجندى .. لماذا اندلعت الثورة المصرية؟

لماذا اندلعت الثورة المصرية؟
أيمن الجندي
Mon, 02/05/2011 - 08:00
من تسطيح الأمور أن نختزل الثورة فى رفض الشعب لحاكمه الظالم، الذى استأثر هو وحاشيته بخيرات البلد، وبدا أنه لا حل إلا الانفجار.
الفقر أيضا لم يكن سبب اندلاع الثورة، فقد قُدحت شرارتها فى طبقة مثقفة ميسورة الحال. والشعب المصرى احتمل الفقر طويلاً طالما كانت هناك عدالة اجتماعية وهدف قومى وتقارب بين الطبقات.
سبب الثورة الحقيقى هو حالة الرفض لأسلوب حياتنا بأكمله، الذى كان يستحيل أن يستمر على هذا المنوال.
حياتنا كانت بشعة جدا، ليس من جانب الحاكم فقط، ولكن لم تعد هناك رحمة بين الناس. سادت ثقافة الكسب السريع، أنا ومن بعدى الطوفان. أصبحت المضاربات هى عنوان العصر. ولم يعد هناك أى منطق لاقتصاد السوق. كانت أسعار السلع تتزايد فى الشهر الواحد، والعقارات يتضاعف ثمنها كل عدة سنوات، ارتفاع لا يبرره حتى ارتفاع سعر الأسمنت واحتكار الحديد.
وفيما يبيع الفلاح محصول أرضه بأسعار متدنية فإنها تتضاعف على أيدى التجار. من المذهل أن تكاليف المعيشة عندنا صارت أغلى من الخليج، رغم تدنى الأجور.
 لم يعد هناك من يقنع بربح العشرين فى المائة، فالكل يبحث عن ضعف وضعفين. من الطرائف أن إحدى الشركات الصينية المصنعة للموتوسيكلات احتجت على السعر الباهظ الذى بِيعت به منتجاتها فى الأسواق المصرية (عشرة آلاف)، رغم أن المُسْتورد اشتراها بخمسائة جنيه! الشركة الصينية رأت أن مكسبا قدره عشرون ضعفا لا يمت للتجارة بصلة، بل نوع فاحش من قطع الطريق.
...........
الشعب ثار على هذا كله، على التعليم الذى أصبح فاشلا، على البطالة التى يكتوى بنارها الشباب، على الوظائف التى لا يمكن الحصول عليها دون واسطة، على الخدمات الحكومية التى تحتاج رشوة، على المدن القذرة والقرى المتخلفة، على نزيف الدم فى الشارع المصرى، على الطرق الخطرة غير الآمنة، على الخطط المنظمة لإفساد الشعب بأسره، حتى يصبح الجميع فاسدين. حينما يحصل الموظف على راتب متدنٍ مع الفحش فى الغلاء، فهذا معناه أن يصبح سارقاً أو مُهملاً أو مُرتشياً، لأن «واحد زائد واحد يساوى اتنين».
ثورة 25 يناير هى رفض لنمط حياة منحطة، يفرض فيها القوى شروطه، ولا يبقى أمام الضعيف سوى الاستئساد على من هو أضعف منه. ضاعت من حياتنا ثلاثون عاما، هى أجمل سنوات العمر، فمن يعوضنا عن تلك السنين؟!.
نحن الآن فى مرحلة عدم التوازن التى تعقب الأحداث الجَلل. حينما تعود الحياة لطبيعتها.. لن يقبل الشعب أن يعود نمط الحياة القديمة.. لن يقبل أن يعيش فى مدن قذرة أو يركب مواصلات خطرة أو يطلب منه الموظف رشوة، أو تقفز أسعار السلع بغير رحمة، أو تخصص أراض للصفوة أو تُفصّل القوانين للحاشية.. لن يقبل أن يأخذ راتبا لا يكفى معيشته أو يُعتدى عليه بالباطل، أو تسير الأمور بالمحسوبية. الشعب قام بثورته، رفضا لذلك كله، ولن تعود عقارب الساعة للوراء.

المصدر جريدة المصرى اليوم

Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق