جلال عامر .. مولد سيدى رضوان

مولد سيدى رضوان
جلال عامر
Thu, 16/06/2011 - 08:00

مضطر للصالح القومى أن أعيد نشر هذه الحكاية، لأن الإخوة فى «فتح» و«حماس» يتخانقون الآن على اسم المرشح لرئاسة الوزراء بعد الصلح بأيام، فهناك تشابه بين حكاية دولة «فلسطين» وحكاية عربة «رضوان».. كانت العربة زاهية، ومجهزة للنوم والجلوس وتناول الطعام، كانت بالنسبة لشقيقى «رضوان» هى وطنه..
لا يحلو له سماع الموسيقى إلا فيها، بل كان أحياناً يغنى لها ونغنى معه.. منذ تسلمها من أبيه.. ثم حدث أنهم سرقوا عربة «رضوان» فحزن وغضبنا لغضبه، وانتشرت العائلة تبحث عنها حتى عثرنا عليها وقد أخفاها اللصوص فى أحد الدروب المظلمة..
توجهنا بالعربة إلى القسم، وهناك تحلقنا حول المأمور الذى استمع إلى أقوالنا واطلع على مستندات الملكية، ثم أمر بوضع العربة أمام القسم، قائلاً: (ربما يظهر للعربة صاحب آخر)، ظلت العربة أمام القسم سنوات طويلة - وحتى الآن - دون أن يتسلمها شقيقى بسبب تنازع الملكية.. كان سائق عربة البوليس يشكو للضابط من نقص قطع الغيار فى عربته، فيقول له الضابط: (خذ ما ينقصك من عربة رضوان).. الكاوتش انفجر.. (خذ من عربة رضوان).. الفرامل عاطلة.. (خذ من عربة رضوان)..
وهكذا تحولت عربة رضوان إلى أكبر مورّد لقطع الغيار فى منطقة الشرق الأوسط.. وتحولت العربة إلى أسطورة.. كانوا يقولون للمسافر: (أمانة عليك.. اقرأ الفاتحة لصلاح الدين وطُل على عربة رضوان).. ومع الأيام، صارت «عربة رضوان» رمزاً تاريخياً يُقام له مولد سنوى فى يوم ضياعها، ينتشر حولها الباعة وتُحكى عنها الحكايات.. وأضاف البعض من عنده الكرامات التى قالت إن العربة تُظهرها لزوارها.. جندى شُلت يده وهو يمدها لسرقة الفانوس.. عاقر تمسحت بها فحملت.. ثم فكر أحدهم أن يستثمر الموقف، فافتتح مكتب سياحة لتنظيم رحلات لزيارتها..
وهناك حيث ترقد العربة أثبت الناس أن السوق تتصف بالمرونة وأن الحاجة أم الاختراع، فقد انتشرت حول العربة محال بيع الصور التذكارية والميداليات، وراح الباعة الجائلون يتمركزون حول العربة يبيعون الأطعمة والمشروبات عبر الأنفاق.. ثم مات «رضوان» وتنازعها الأشقاء واقتتلوا.. وفى سرادق العزاء، قال الواعظ: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، أولها الصدقة الجارية، لذلك فإن رضوان لم يمت لأن له صدقة جارية ترقد أمام مركز البوليس)..
وصارت العربة ذريعة لكثيرين لتأجيل مشروعاتهم فى الحرية عدا التناسل.. وتحولت العربة إلى «سبوبة»، مركز البوليس راض والأهل راضون والناس سعداء والباعة يكسبون والجميع يستفيد.. فى آخر زيارة لعربة رضوان أخبرونا أن العربة لم يتبق منها الآن سوى «آلة تنبيه» تصرخ طوال اليوم: «عائدون.. عائدون».
galal_amer@hotmail.com

المصدر جريدة المصرى اليوم

Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق