حسن نافعة .. برلمان مصر القادم: هل يكمل مدته الدستورية؟

برلمان مصر القادم: هل يكمل مدته الدستورية؟
حسن نافعة
١٦/ ٦/ ٢٠١١

الالتزام الحرفى بنص «الإعلان الدستورى» يعنى ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية أولا، وأن تتم هذه الانتخابات قبل نهاية شهر سبتمبر القادم. وقد بدأت أصوات عديدة ترتفع مطالبة بتأجيل هذه الانتخابات تحديداً، مرة بدعوى أن الأحزاب الجديدة لم تنته من إجراءات تأسيسها بعد، وتحتاج إلى مزيد من الوقت لتصبح أكثر استعداداً لخوضها، ومرة أخرى بدعوى أن توقيتها لن يكون ملائماً، لأن الموعد المحدد لإجرائها سيعقب شهر رمضان وإجازة عيد الفطر.. إلخ.
غير أنه يجب أن يكون واضحاً منذ البداية أن أى تأجيل لهذه الانتخابات، بصرف النظر عن أسبابه ودواعيه، سوف يحتاج بالضرورة إلى «تعديل دستورى»، وهو أمر قد لا يكون مستحبا فى الظروف الراهنة، وذلك لسبب بسيط، وهو أنه قد يفتح الباب أمام مطالب بتعديلات أخرى يرى كثيرون ضرورة إدخالها على الإعلان الدستورى، وهى تعديلات لن تقتصر على الجداول الزمنية وإنما ستتجاوزها إلى أمور أخرى أكثر جوهرية.
لذا فإن إغلاق هذا الباب، الذى ستهب منه رياح عاتية بالقطع، ربما يكون هو الحل الأسهل. ومع ذلك يبقى سؤال أهم يتعين أن نطرحه على أنفسنا بأمانة، بصرف النظر عن مواقعنا السياسية والفكرية، وهو: هل من المتوقع أن تفرز هذه الانتخابات برلمانا يليق حقا بثورة ٢٥ يناير؟. الواقع أننى أشك كثيرا، وأعتقد أنه سيكون برلمانا ضعيفا على الرغم من أن الانتخابات التى ستفرزه ستكون بالقطع أكثر نزاهة، وبالتالى سيكون أكثر تمثيلا للخريطة السياسية الراهنة فى مصر. أما أسباب هذا الضعف فهى كثيرة، أهمها:
١- أن هذا البرلمان سيكون صورة تكاد تكون طبق الأصل من برلمانات النظام القديم، على الأقل من حيث الشكل والتكوين، رغم تغير الانتماءات السياسية لأعضائه الجدد، فنصف الأعضاء المنتخبين سيكونون من العمال والفلاحين، وسيضم مجلس الشعب ٦٤ مقعدا مخصصة للمرأة، وسيكون هناك مجلس شورى ثلث أعضائه من المعينين. ولأنه لا يوجد سبب موضوعى واحد للإبقاء على هذه القيود فى برلمان يفترض أن يمثل ثورة ٢٥ يناير، فقد كان الأحرى بالمشرع أن يسعى ليكون أول برلمان ينتخب بعد هذه الثورة هو البرلمان الأقوى فى تاريخ مصر، خصوصا أنه سيكون البرلمان المكلف باختيار اللجنة التى ستتولى صياغة دستور مصر الدائم.
٢- ليس من المؤكد أن يكمل هذا البرلمان مدته البالغة خمس سنوات. فإذا افترضنا أن الجمعية التأسيسية المكلفة بصياغة الدستور الجديد ستنتهى إلى حذف النسبة المخصصة للعمال والفلاحين وإلغاء حصة المرأة ومجلس الشورى، وهو أمر وارد تماماً وربما يكون مطلوبا أيضاً وبإلحاح، فمن الطبيعى أن يتم حل هذا البرلمان بمجرد دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ. ولتلافى هذا الأمر، ربما يلجأ البعض إلى حلول ترقيعية كاقتراح أن يُدرج بالدستور الجديد نص يسمح للبرلمان باستكمال مدته القانونية. ومن شأن اقتراح كهذا أن يدخلنا فى مشكلة أكبر لأننا سنكون إزاء دستور معطل أو شبه معطل لخمس سنوات قادمة، وهو أمر بالغ الغرابة.
يتضح مما تقدم أن إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة وفق نصوص مستمدة من دستور ١٩٧١ الذى سقط سيدخلنا فى متاهات لا أول لها ولا آخر. ولا يتعلق الأمر فقط باحتمال حل البرلمان القادم بمجرد إقرار الدستور الجديد، وإنما باحتمال إلغاء الانتخابات الرئاسية التى ستعقبه أيضاً. وتلك مسألة تحتاج إلى بعض الإيضاح، فإلى الغد بإذن الله.

المصدر جريدة المصرى اليوم

Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق