عمر طاهر .. رسالة من قلب الميدان


عمر طاهر
رسالة من قلب الميدان
Wednesday, July 27, 2011 at 10:05am

وليد عبد الرؤوف، أحد شباب الثورة المرابضين فى الميدان منذ زمن بعيد، يكاد أن يكون جلده قد التصق بأسفلت الميدان، تعارفنا فى أيام الثورة الأولى وكان مصابا.. الحقيقة وليد -على حد تعبيره- لم يفوت فرصة دون أن يتعرض فيها للإصابة، سواء فى 28 يناير، مرورا بموقعة الجمل، مرورا بأحداث البالون، نهاية بموقعة العباسية.
بالأمس هاتفنى وليد، وكان صوته يختنق بالدموع، «مالك يا وليد؟» فقال لى: أنا مافيش حتة فى جسمى مابتوجعنيش، أنا كل مكان خبطة طوبة ومكان كل جرح انجرحته من يوم 25 يناير إلى 23 يوليو بينقح عليا وحاسس إنى زى ما تكون كل العصافير والنجوم اللى فى أفلام الكرتون بتلف فوق دماغى، بس مش الموضوع مش ألم جسدى لكنه ألم من نوع جديد لم أختبره من قبل.
طلبت من وليد أن يكتب لى ما يؤلمه، فأرسل لى رسالة قصيرة، لكنها تعبر عن واحد من المخلصين للميدان وللقضية التى يحتضنها.. يقول وليد..
ما يؤلمنى إنى حاسس إنى ماشى وكل الناس بتشاور عليا، وبتقول العميل أهه، الخاين المتمول اللى خرب البلد، وخرم عجلة الإنتاج، وزعزع الاستقرار، ونشر الفسق والفجور بين العباد، وأفسد طول وعرض البلاد، وعلى فكرة ده مش كلامى الكلام ده أنا سمعته إمبارح بالصدفة من شيخ من شيوخ على إحدى القنوات، سمعته وهو جايب فتوى لابن تيمية وبيحلل دمنا، لأننا مفسدون فى الأرض، ونعيث فيها فسادا، وبيقول إننا مجموعة قليلة من المجرمين والعملاء والخونة.. ماعرفش ليه نسى إنه يقول إن فى عندنا يوماتى حفلات جنس جماعى ومخدرات.. ماتسألنيش عن اسمه بس هو نفس الشيخ اللى قال هانهد كنايس مصر كنيسة كنيسة، عشان نجيب إخواتنا.
الناس كانت بتسمع له بإخلاص وتركيز ومافيش فى عيونهم ذرة شك فى كلامه.. لدرجة تخلى الواحد يشك فى نفسه فعلا.
قبليها بيوم كنت مصاب فى العباسية، وخيطت الجرح ع الماشى كده، فى مستشفى الدمرداش، ونصحنى الدكتور إنى أروح عند دكتور برايفت (والله هو اللى قال كده) .
كانت الإصابة تستحق تدخل سريع فعلا عند دكتور خاص، ولم أجد سبيلا لتوفير مصروفات هذا الطبيب، إلا أنى أبيع الموبايل بتاعى. بعت موبايلى وذهبت للدكتور البرايفت، وسألنى عن سبب الجرح، فحكيت له ما حدث، وقتها شعرت أنى قد وقعت فى فخ مهين.
فى البداية كنت محط سخرية لاذعة من الدكتور المعروف، سألنى باستهزاء ودفعت تمن الكشف بالمصرى، ولا بالدولار، صدمنى بشدة ولم أصدق نفسى، وأنا أراه يتحول فى ثانية لنسخة من توفيق عكاشة، وتابعه أحمد زبايدر، وتحولت العيادة إلى قاعة محكمة، وانهالت على الاتهامات دون توقف.. انتوا خربتوا البلد وانتوا اللى واقفين حالنا وهتودونا فى داهية ومين اللى وراكم وبتقبضوا من مين... إلخ.
حاولت أن أقنعه بعدم صحة ما يقوله، وقلت له هنفترض فيه ناس بتتمول من أى حتة حضرتك بتجمع ليه؟.. هو عشان أنا دفعتلك 150جنيه كشف أبقى باتمول من جهة أجنبية؟، تكلمت كثيرا دون فائدة وخرجت من عنده وأنا أحمل بدل الجرح اتنين.
عدت إلى الميدان الذى خلا من الناس ومن الحركات السياسية إلا من رحم ربى ولم يبق به إلا إخواننا المضربين عن الطعام، تأملتهم وهم بين الحياة والموت، وقلت لنفسى هل سيتحمل واحد منهم نصف الإهانات التى تحملتها خارج الميدان، بحثت عن ممثلى الحركات السياسية فى الميدان لأحكى لهم ما حدث معى، لكننى وجدت خيما كثيرة من الكيانات السياسية كقماش فقط، ولكن ليس بها أحد، وعندما سألت علمت أنهم فى مؤتمر صحفى.
أكتب لك لأقول إننا نجحنا حينما توحدنا على هدف، ونكاد أن نفشل عندما فرقتنا المصالح الشخصية وأماكن استوديوهات القنوات المتباعدة، أصبح كل منا لا يفكر إلا بنفسه، نسينا الناس فنسيونا، وعندما نخرج من الميدان يستقبلنا الناس كجواسيس وخونة لا فرق بين رواد المقهى الذى كان يتابع القناة الدينية أو الدكتور المعروف صاحب اللافتة التى تضم خمسين مؤهلا علميا من مصر وخارجها.
لقد أخطأنا عندما فرزنا أنفسنا على أسس واهية ( نعم، لا)، (مدنية، دينية)، (دستور، انتخابات)، ونسينا أن نفرز على أساس سليم، وهو من مع استكمال الثورة ومن ضد استكمالها، ولا سبيل لنا سوى أن نتوحد ونترك مصالحنا وأهواءنا التى تحكمنا، ونعود مرة أخرى إلى الناس الذين صدقونا وخرجوا وراءنا، ووثقوا بنا يا إما نخلينا طول عمرنا فى الميدان.. مابقالناش عيش براه .


هذا المحتوى من





Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق