عمر طاهر .. النصف الأول


عمر طاهر
النصف الأول
Saturday, July 30, 2011 at 10:15am

انتصف يوم جمعة وحدة الصف وكان لا بد أن أرسل مقال اليوم، كنت أتمنى أن تمنحنى مطابع الأخبار مهلة حتى انتهاء اليوم لتكون شهادتى عليه كاملة، لكن يقال إن الجواب بيبان من عنوانه، وأنا أرى أن الجواب حتى لحظة كتابة هذه السطور لا يوجد به ما يثير القلق أو الخوف، ربما نلمح فى بعض مناطق الجواب ركاكة ما أو انفعالا زائدا، لكن قبل أن تسيطر الركاكة على النص كله، كان الحكماء يتدخلون ويعيدون الصياغة بشكل يعيد إلى النفس بعد الطمأنينة.
حملت بعض التيارات علم السعودية، ولم يدافع عنهم سوى أصوات ليبرالية قائلة إنهم لا يرفعون علم دولة تعادى الثورة، لكنهم يرفعون علما عليه (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ولا يوجد أى داع للتخوين المجانى.. يرفع البعض فى الميدان علما عليه المطرقة والمنجل فى إشارة إلى الفكر الشيوعى، ولم نتهمهم يوما أنهم عملاء لروسيا.
أخلف بعض السلفيين وعودهم، ورفعوا شعارات دينية ولافتات اتفق على تجنبها، لم يتعرض لهم أحد سوى سلفيو كوستا.. سلفيون التزموا بالتوافق وأعملوا ضميرهم الوطنى وغلّبوا عقولهم على الانفعالات.
هتف السلفيون: الشعب يريد شرع الله، وإسلامية إسلامية، بينما كان بقية السلفيين يرفعون أمام المجمع لافتات تحيى معتصمى التحرير، ورفع أحدهم لافتة يعتذر للشهداء أنه لم يكن موجودا بينهم أيام الثورة ليفتديهم بروحه.
هتف السلفيون ارفع رأسك فوق أنت مسلم، تساءل الجميع عما يجب أن يفعله المسيحى فى هذه اللحظة هل ينكس رأسه؟ لكن فجأة وبلا مقدمات ودون أن تعرف من الذى أطلق الشرارة الأولى كان الميدان كله يرتج تحت هتاف مسلم ومسيحى إيد واحدة.. تحفظ البعض على موضوع الإيد الواحدة لكنهم سرعان ما اندمجوا فى الهتاف مرة أخرى عندما عاد بصورة جديدة «مسلم ومسيحى كلنا مصريين».
هناك من خرق الاتفاقات التى تمت فى اليومين الماضيين، وهناك من استبسل للتمسك بها والقضاء على أى محاولات للتفرقة، كانت المسيرات تهتف فى الشوارع الجانبية هتافات مليئة بالتعصب، لكنها ما إن تجتاز بوابات الميدان حتى تذوب فى الهتافات المعتدلة التى كانت تسيطر عليه معظم الوقت.. للميدان رهبة.
على المنصة هناك من يهتف الشعب يريد تطهير البلاد، فيرد عليه البعض بهتاف الشعب يريد تطبيق شرع الله، يلعب المسؤول عن المنصة أغنية «بسم الله الله أكبر» فيتوحد الميدان من جديد وتقشعر أبدان الجميع بمن فيها أبدان من يؤمنون أن الغناء حرام.
أنهى المقال الآن والميدان مشغول بدراسة عرضين.. الأول استمرار الاعتصام وقبول دعوة من الشيخ صفوت حجازى لإفطار جماعى يوم الخامس من رمضان وصلاة التراويح خلف الشيخ محمد حسان، والعرض الثانى من الكاتب الكبير محمد المخزنجى فى مقاله فى «الشروق» يقول فيه: «بعد أيام قليلة سيبدأ شهر رمضان الكريم، وعلى كل القوى المخلصة وبعيدة النظر، والعقلاء الشرفاء من مختلف الفصائل والأطياف، أن يتبنوا الدعوة إلى إيقاف كل التظاهرات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية، واعتبار هذا الشهر هدنة نرى فيها ما يتوجب إنجازه من مطالب الثورة، خاصة إعمال العدالة فيمن أجرموا فى حق الأمة من عصابة النظام الساقط، وتطهير ما تبقى من فلوله وذيوله فى مواقع التأثير والتدمير دون جور ولا مزايدة، وتفعيل أقصى ما يمكن تفعيله من آليات العدل الاجتماعى لصالح الفقراء، واستعادة الأمن الذى تنشط فى ظلاله مبادرات الأمة».
أنا شخصيا أقف إلى جوار المخزنجى فى دعوته، وإن كان هذا لن يمنعنى من أن أصلى التراويح خلف الشيخ حسان فى الميدان يوم الخامس من رمضان.


هذا المحتوى من





Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق