إبراهيم عيسى .. من ينشل الغرقى؟


إبراهيم عيسى
من ينشل الغرقى؟
Saturday, July 30, 2011 at 10:21am

غرق ستون شابا مصريا فى البحر لعطل أصاب مركبا كانوا عليه فى أثناء محاولتهم الهجرة غير الشرعية منذ ثلاثة أيام فقط، دليل على أننا فشلنا!
نعم الثورة قامت، لكن أشياء أخرى لم تقم لتقنع هؤلاء الشباب الذين يقتلهم الفقر واليأس، بأن هناك أملا فى بلدهم، وأن كرامتهم مع رزقهم ستعود فى الشهور المقبلة، فيتمسكون بمصر ويمكثون مع أهلهم ويشاركون فى صناعة وصياغة مستقبلهم.
فشلنا، فالثورة لم تصل إلى هؤلاء الشباب فى محافظة البحيرة، كما لم تصل إلى أماكن وبقاع أخرى وقلوب وعقول كثيرين.
لهذا فشلنا.
لكن (نا) هذه، تعود على مَن بالضبط؟
تعود على الآتية أسماؤهم الذين فشلوا فى إنقاذ هؤلاء الشباب من الهجرة ثم من الغرق:
الأول: المجلس العسكرى الذى يدير شؤون البلاد لكنه لم يبذل أى جهد فى طمأنة الناس، بل كان جنرالات فيه -ولا يزالون- مصممين على نشر الإحساس بالمصيبة والخطر أكثر من بث الأمل، ومن يجمع تصريحاتهم تجدها تصب فى أن مصر فى كارثة، والاقتصاد منهار والبلد صفر وتحت الصفر، الشباب غير المسيس والمنتظر بارقة أمل أن الحرامية الذين نهبوا البلد مشيوا وأن بابا جديدا سينفتح لمصر جديدة لم يصله من المجلس العسكرى إلا أن البلد واقع، وأن هناك جهات وأطرافا تتربص بمصر، لا طاقة إيجابية ولا روح أمل ولا بث حماس ولا نشر تفاؤل.
الثانى: حكومة عصام شرف البطيئة المملة شحيحة الخيال، سلحفائية الحركة، قليلة الحيلة، لا رئيسها ولا وزراؤه قادرون على مد الناس بالإلهام أو الأمل، اختيارات عجفاء وتحركات مشلولة وعجز مرعب أمام المظاهرات الفئوية، لا هى حكومة تستجيب ولا تجيب ولا ترد ولا تصد ولا تعطى شعورا بالثقة ولا تمنح قدرة على الأمان ولا حتى تكذب وتتجمل بأناقة واحتراف، حكومة مكونة من مجموعة موظفين يخشون من دخول مفاجئ للمفتش عليهم لم يقدموا لهؤلاء الشباب ذرة من أمل ولا مثقال حبة من حماس أو تفاؤل بخطط أو بقوانين تم سنها، أو قرارات صدرت، أو بمشروعات قيد التنفيذ، لا شىء ألبتة، بل زادوا على التوتر توترا ومنحوا القلق مليون مبرر جديد.
الثالث: قوى الثورة التى أخذها الحماس والإخلاص فى مطالبها، حتى إنها نسيت أن تصل للمواطن العادى فتقوى إيمانه بالثورة أو تحيى أمله فيها، فاكتفت قوى الثورة بمن يؤيدها وينتصر لها، خصوصا أنهم مستعدون للتضحية وشديدو الإيمان، ثم اعتمدت قوى الثورة على كونها مغناطيسا للناقمين والغاضبين وأصحاب الثأر مع نظام الطغيان والاستبداد السابق، فى هذه الدائرة دارت قوى الثورة مع نفسها ولم تعد ترى فى مواجهتها إلا المجلس العسكرى والحكومة، فلم تمد يدا خارج الدائرة ولم تعد تفكر فى جمهورها العام ومواطنى البلد الذين لم يثوروا ولم تصلهم الثورة، والذين لم يفهموا الثورة، ولم يعرفوها، رغم أن مصلحتهم هى مصلحة الثورة تماما، تركت قوى الثورة أصحاب المصلحة بعيدا عن الدائرة حتى إن استسلم فقرهم ليأسهم.
الرابع: التيار الإسلامى الذى ملأ الدنيا إحساسا بأنه سيحكم مصر بعد الانتخابات، فزاد انتشاره واستعراض قوته فى كل متر مربع فى القرى والمدن، ومع ذلك فهذا الخبر المهم لم يثر فى قلوب الفقراء فرحا ولا أملا ولا أجل أى قرار لهم بالهجرة غير الشرعية، التيار الذى يزعم أن لديه الدين الذى هو حل لكل المشكلات فى الدنيا لم يقنع شبابا ريفيا غير علمانى بالقطع، متدينا هو وأهله بالضرورة بأن هذا التيار قادم يحمل حله وتحقيق حلمه فى العدالة والكرامة الإنسانية، فهاجر هربا أو هرب هجرة.
الخامس: الإعلام المصرى، الحكومى البليد المصاب بالبله المنغولى، والخاص الغارق فى مصالح مالكيه ونرجسية مقدمى برامجه وتفاهة وسطحية بعضهم، وكل هذا يخدم النظام السابق ببث اليأس والإحباط والطعن فى الثورة والثوار وتلويث كل الناس من أجل اللى فيهم يجيبوه فيك، والتصميم على استمرار منهج التضليل والنفاق والتعامل مع الغلابة بمنطق التسول وجوائز مساحيق الغسيل التى تفاجئ سيدات مسنات فى شقق غير آدمية بأنها كسبت عمرة رمضان!


هذا المحتوى من





Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق