روعة القرآن
Sat, 09/04/2011 - 08:00
أعترف بأن (روعة القرآن) تخطف قلبى. ما إن أستمع إليه- خصوصا حينما يكون القارئ حسن الصوت- حتى أشعر وكأن سهاماً تخترق قلبى، سهاماً أُطلقت منذ ألف وأربعمائة عام، ومازالت تخترق أفئدة كثيرة.
حاولت أن أفهم سر هذا التأثير العميق الذى أستشعره. قرأت فى مباحث البلاغة، لكننى لم أستحسن تقعر أربابها الذين حولوا القرآن البسيط المؤثر إلى صنعة شديد التكلف والتعقيد.
ربما يكون كتاب «التصوير الفنى فى القرآن» هو أفضل ما كُتب فى هذا الباب. فيه طرح سيد قطب نظريته فى (التصوير الفنى)، التى استخدمها القرآن كطريقة موحدة للتعبير عن أغراضه (فيما عدا التشريع)، وذلك بتحويل المعنى الذى يُراد التعبير عنه إلى صورة فنية يتمثّلها الخيال، بالنغم والظلال والحوار.
ورغم توفيقه الكبير فى عرض نظريته فإننى أعتقد أن الأمر أكبر بكثير. إنها قدرة القرآن الفائقة على تكثيف معان عميقة جدا، قوية جدا، فى كلمات قليلة، مشحونة، حتى توشك الكلمات أن تتصدع من ثقل المعانى. خذ عندك مثلا هذه الآية التى تتكون من كلمتين فقط: «فأين تذهبون؟»، جملة بسيطة نستخدمها كثيرا فى كلامنا العادى، لكن سياق الآيات يجعلها كالضربة القاضية. حين تتذكر أنه لا ملجأ من الله إلا إليه، وأنك ذاهب إليه فى كل الأحوال، شئتَ أم أبيتَ.
■ ■ ■
فى الماضى ظن القدماء أن المقصود بالتحدى هو النظم الفريد، فانصبت معظم التفسيرات على أناقة الوعاء!. والقرآن بلاشك تُحفة، لكن سره الحقيقى يكمن فى المُحتوى. المعنى الكبير الذى أراد القرآن توصيله. لذلك لاشك عندى أن محاكاة القرآن مستحيلة، والتحدى بذلك تحصيل حاصل. أنى يتمكن من يحاول محاكاته من معرفة الصفات الإلهية للخالق، جماله وكماله وشمول علمه وعظيم سلطانه؟ الصورة الكاملة المتكاملة التى لهثت البشرية وراءها دون أن تدركها، إله متكامل الصفات، فهو الواحد الأحد، العالم بكل شىء، المنزه عن الشريك والشبيه والولد.
ما الذى أدرى القرآن بحقيقة النبوة ووظيفتها، فالنبى فى القرآن لا يملك خزائن الأرض، ولا يعرف الغيب. ليست وظيفته التنجيم أو معرفة الغيب المرهوب والتحذير منه، أو الاستعداد بالخوارق والمعجزات. مهمته التبليغ فقط. وأنى له أن يصحح أخبار الأنبياء السابقين على هدى من عصمة النبوة!
وكيف يعرف الحكمة الكامنة خلف اليوم الآخر، وما سيحدث فى هذا اليوم من مشاهد عميقة مؤثرة، حين يرسى الخالق عز وجل ميزان العدل الإلهى الذى لا يقوم الإيمان بغيره!.
ثم كيف يعرف ما يُصلح البشر ويستنقذ فطرة الخير فيهم. ثم كيف يصوغ كل هذه المعانى العميقة، فى لغة أنيقة كثيفة مُضفّرة، يفهمها أبسط الناس، ويتذوقها أكثرهم ثقافة، ثم يجد كل إنسان فيها حاجته، رغم تنوع الناس واختلاف الزمن.
لقد سحر القرآن الناس جيلا بعد جيل، ونحن- إذا أراد السادة القرّاء- بحاجة إلى مقالات كثيرة مُفصّلة لمحاولة فهم (روعة القرآن).
حاولت أن أفهم سر هذا التأثير العميق الذى أستشعره. قرأت فى مباحث البلاغة، لكننى لم أستحسن تقعر أربابها الذين حولوا القرآن البسيط المؤثر إلى صنعة شديد التكلف والتعقيد.
ربما يكون كتاب «التصوير الفنى فى القرآن» هو أفضل ما كُتب فى هذا الباب. فيه طرح سيد قطب نظريته فى (التصوير الفنى)، التى استخدمها القرآن كطريقة موحدة للتعبير عن أغراضه (فيما عدا التشريع)، وذلك بتحويل المعنى الذى يُراد التعبير عنه إلى صورة فنية يتمثّلها الخيال، بالنغم والظلال والحوار.
ورغم توفيقه الكبير فى عرض نظريته فإننى أعتقد أن الأمر أكبر بكثير. إنها قدرة القرآن الفائقة على تكثيف معان عميقة جدا، قوية جدا، فى كلمات قليلة، مشحونة، حتى توشك الكلمات أن تتصدع من ثقل المعانى. خذ عندك مثلا هذه الآية التى تتكون من كلمتين فقط: «فأين تذهبون؟»، جملة بسيطة نستخدمها كثيرا فى كلامنا العادى، لكن سياق الآيات يجعلها كالضربة القاضية. حين تتذكر أنه لا ملجأ من الله إلا إليه، وأنك ذاهب إليه فى كل الأحوال، شئتَ أم أبيتَ.
■ ■ ■
فى الماضى ظن القدماء أن المقصود بالتحدى هو النظم الفريد، فانصبت معظم التفسيرات على أناقة الوعاء!. والقرآن بلاشك تُحفة، لكن سره الحقيقى يكمن فى المُحتوى. المعنى الكبير الذى أراد القرآن توصيله. لذلك لاشك عندى أن محاكاة القرآن مستحيلة، والتحدى بذلك تحصيل حاصل. أنى يتمكن من يحاول محاكاته من معرفة الصفات الإلهية للخالق، جماله وكماله وشمول علمه وعظيم سلطانه؟ الصورة الكاملة المتكاملة التى لهثت البشرية وراءها دون أن تدركها، إله متكامل الصفات، فهو الواحد الأحد، العالم بكل شىء، المنزه عن الشريك والشبيه والولد.
ما الذى أدرى القرآن بحقيقة النبوة ووظيفتها، فالنبى فى القرآن لا يملك خزائن الأرض، ولا يعرف الغيب. ليست وظيفته التنجيم أو معرفة الغيب المرهوب والتحذير منه، أو الاستعداد بالخوارق والمعجزات. مهمته التبليغ فقط. وأنى له أن يصحح أخبار الأنبياء السابقين على هدى من عصمة النبوة!
وكيف يعرف الحكمة الكامنة خلف اليوم الآخر، وما سيحدث فى هذا اليوم من مشاهد عميقة مؤثرة، حين يرسى الخالق عز وجل ميزان العدل الإلهى الذى لا يقوم الإيمان بغيره!.
ثم كيف يعرف ما يُصلح البشر ويستنقذ فطرة الخير فيهم. ثم كيف يصوغ كل هذه المعانى العميقة، فى لغة أنيقة كثيفة مُضفّرة، يفهمها أبسط الناس، ويتذوقها أكثرهم ثقافة، ثم يجد كل إنسان فيها حاجته، رغم تنوع الناس واختلاف الزمن.
لقد سحر القرآن الناس جيلا بعد جيل، ونحن- إذا أراد السادة القرّاء- بحاجة إلى مقالات كثيرة مُفصّلة لمحاولة فهم (روعة القرآن).
المصدر جريدة المصرى اليوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق