إبراهيم عيسى .. الموظفون لا يثورون


إبراهيم عيسى
الموظفون لا يثورون
Tuesday, July 19, 2011 at 10:11am

هذا تغيير وزاري يشبه المنبتّ تماما، لا أرضًا قطع ولا ظهرا أبقى..
لا الناس فرحوا به ولا حزنوا..
لا ارتاحوا ولا قلقوا..

الشعب ترقب وتابع، دون تورط في رفض الحكومة أو التمسك بها، الشعب في مجمله خال عليه موضوع الاستقرار الذي يعني بقاء الحال على ما هي عليه، كما أن التيار الإسلامي يستعجل الانتخابات ولا يهمه بقاء أو رحيل شرف، ذهاب وزراء أو مجيء غيرهم!

الذين طالبوا بإقالة حكومة شرف لن يفرحوا بجديده، والذين رضوا بحكومته السابقة لا ينشغلون بتجديداته.

الموضوع أعمق من تغيير الأشخاص وأبعد، فالحكومة هي شخص رئيسها، ثم هي كذلك منهج عملها، وبالأهم هي مدى صلاحيتها، وكل هذا بدا معروفا ومألوفا بعد الإبقاء على شرف، فالشخص محترم ووطني وطاهر ومستقيم تماما، لكنه ليس هذا الذي تحتاج إليه مصر الآن حاسما حازما ملهما للناس ثوريا مقاتلا، ومنهج عمل الوزارة لن يتغير بشخوص جدد، فهي في المنطقة المائعة المموهة بين حكومة تسيير أعمال أو حكومة إدارة أزمة أو حكومة على ما تيجي حكومة تانية، أما الصلاحيات فلا شيء مستجد إلا منحة السماح الرحب التي تكرم بها المجلس العسكري على رئيس الوزراء بعد مليونية 8 يوليو!

إذن لا هي حكومة ثورة ولا حكومة سياسيين ولا منتظر منها أي ثورة في التفكير أو في الأسلوب، هذه وزارة سوف تدق درج المكتب طرقتين تستأذنه أن يفتح، طبعا فيها ناس محترمة ومخلصون لكن ليس فيها من يجب أن يكون فيها، منهج الاختيار كأنك تختار عريسا لابنتك، الطيبة والشرف وحسن السير والسلوك والمنبت الطيب والمعرفة بحدود الشغلانة، لكن أكتر من كده ولا أي حاجة، ولو كان قعد شرف سنة يختار وزراءه لم يكن ليختار غير من اختاره، موظف مخلص يختار موظفين مخلصين، لكن أين الثورة في هذه الحكومة؟

كيف تنتظر ثورة من موظف؟.. بالمناسبة سعد زغلول اعتبر أن ثورة 1919 نجحت يوم أضرب الموظفون وثاروا لا حين خرج الطلبة والعمال، وقد ثار الموظفون بعد الثورة بشهور طويلة جدا!

طلب الناس العدل وتغيير فكر الشرطة فبقي وزير العدل ولم يتغير وزير الداخلية. قطعا هناك تعديلات في مكياج الوزارة لكن الوجه هو نفسه. يا فرحتي جنب منير فخري جاء علي السلمي وفي المقعد المجاور لجودة عبد الخالق ظهر حازم الببلاوي، صحيح يأتي شخص وطني ثوري مثل حازم عبد العظيم، لكنه جاء وحده، فلا يعني أن المنطق اختيار وزير ثوري متمكن في مهنته وحرفته وحرفيته، بل هي محض روليت، رسيت الكرة فيه على ثوري واحد!

لا شيء جوهري لا في الأشخاص ولا المنهج ولا الأسلوب، طبعا خلصنا من وجوه من أمانة السياسات لكن جاءتنا وجوه أفضل من أمانة السياسات، ارتحنا من أسماء فاشلة وجاءت أسماء سيطاردها الفشل

ما الحل؟

ولا حاجة، نتجاهلها ولا كأنها تشكلت..

هي حكومة سكرتارية طيبة ومخلصة، ليس أبعد من ذلك، ولا تنتظر من الفيل أن يصعد فوق الشجرة، سيصدر عنها أحيانا قرارات طيبة وإيجابية لا تغير من الصورة ولا من البرواز!

لكن المشكلة أن هذه الحكومة ستبقى حتى الانتخابات الرئاسية، نعم الرئاسية لا البرلمانية، فلا يوجد نص في الإعلان الدستوري أو مشروع قانون مجلسي الشعب والشورى يوحي (أقول يوحي فلا كلمة واحدة مباشرة) أن المجلس العسكري ملزم بأن يكلف الحزب الفائز والحائز على الأغلبية أو الكتلة البرلمانية المنتصرة في الانتخابات بتشكيل الحكومة!

أي أننا يمكن أن نفاجأ تماما (أو لا نفاجأ خصوصا بعد ما قلت لك) أن الإخوان المسلمين مثلا الذين يشمرون عن سواعدهم هذه الأيام ويجهزون البدل لارتدائها يوم إلقاء اليمين الدستورية بعد الفوز في الانتخابات البرلمانية، قد يجدون أنفسهم خارج الحلبة ويكتفون بالصيحات ذاتها في البرلمان ضد وزير أو آخر.

نحن أمام واقع لا شك فيه، أن الانتخابات لن تفرز بالضرورة حكومة جديدة يحب البعض الحديث عنها طول الوقت باعتبارها المهدي المنتظر بالقول: لننتظر يا جماعة حتى تأتي حكومة منتخبة، الحاصل أنه لن تأتي طبقا للإعلان الدستوري وقانون مجلسي الشعب والشورى حكومة منتخبة، سيختار المجلس العسكري من يشاء وما يشاء.

ولأن المجلس العسكري يتمتع بعقيدة بقاء الحال على ما هو عليه، وممن يفضلون التغيير البطيء التدريجي، وممن يرفضون التعديلات الجذرية الشاملة، فسوف يكون اختياره المتوقع هو ترك حكومة شرف الثانية حتى انتخابات الرئاسة لضمان تنفيذ برنامجها والانتهاء من مهماتها إلى حين يجيء رئيس جديد ليختار حكومته!

السؤال هنا: ومتى يأتي رئيس جديد؟ هل يعرف أحد منكم بما فيكم مرشحو الرئاسة المحتملون موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة؟

لا أحد يعرف أصلا..

إذا كنا لا نعرف حتى الآن تحديد موعد انتخابات مجلس الشعب.. يا شعب


هذا المحتوى من





Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق